المتقي كما هو سبحانه ولي الذين آمنوا ، والولاية الإلهية هي التولي الشامل من الله للإنسان وذلك بأن يكون الحق سمعه وبصره كما جاء في الحديث القدسي ، فيكون الله الولي ، ويتسمى العبد بهذا الاسم فيدخل الحق في الخلق ، فيصير العبد بدوره وليا أي ممثل اسمه سبحانه الظاهر.
٢١ ـ (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٢١))
[الجاثية : ٢١]
من يجترح السيئات يكن بعيدا عن نور الهدى ، وهو بالتالي عبد هواه وسيئاته ، وهو في حكم الأموات لأن الجاهل ميت أصم أعمى ولا ينطق إلا بما تلهمه إياه سيئته ، فمن لم يعش بالله وبنوره فحياته ومماته سواء.
٢٢ ـ (وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٢))
[الجاثية : ٢٢]
الحق القانون الإلهي الذي هو مجموع المعادلات العلمية التي بني صرح الوجود على أساسها ، فالحق قائم وموجود وإن أنكره الجاهلون ، ولهذا كان كل ضال عن سبيل الهدى والأعمى عن رؤية القانون النوراني الساري في الموجودات هو قاض أساء الحكم وظلم الحق أولا ونفسه ثانيا.
٢٣ ـ (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٣))
[الجاثية : ٢٣]
إذا أراد الله أن يضل العبد جعل إلهه هواه ، أي يتبع العبد هواه كأنه إله ويستمع صوته ، ويتحقق بهذا حكم الضلالة فلا يكون للعبد من كوى جمع كوة داخلا وخارجا إلا الهوى ، ويكون سبحانه قد حكم وختم بالهوى على سمع العبد وقلبه وجعل على بصره غشاوة.
٢٤ ، ٢٥ ـ (وَقالُوا ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٢٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥))
[الجاثية : ٢٤ ، ٢٥]
من القادر على أن يضع للحياة نهاية معينة فيقول مثلا إن الإنسان إذا مات فني وزال؟ فالحياة والموت والبعث قضايا غيبية لا يطالها فكر الإنسان ، ومهما فكر المفكرون وبحثت العلماء فإن هذه القضايا تبقى سددوا مضروبة دون عقل الإنسان لا يستطيع طفرها ولا أن يظهر عليها ، ولهذا قال سبحانه في الآية للدهريين المؤمنين بأن الدهر هو الذي يحيي ويميت (وَما