عباس : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : (اللهم أعز دينك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام) ، فهدى الله عمر وأضل أبا جهل ، ففيهما نزلت ، وقال جلال الدين الرومي : هو يظهر حينا بتلك الصورة ، وحينا بضدها ، فليس في أمور الدين إلا ما يبعث الحيرة.
١٦ ، ١٧ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٦) وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٧))
[الجاثية : ١٦ ، ١٧]
بنو إسرائيل بمثابة أصحاب الشرائع الذين خصهم الله بفضل منه فجعل الشرائع هدى لهم ورحمة ، فمنهم من اهتدى ، ومنهم من ضل ونافق وتعصب ، والتعصب داء عضال ، وأتباع الشرائع مختلفون ، ولهم مذاهب ، ومنهم طوائف ، كل حزب بما لديهم فرحون ، والله هو الذي دفع الناس بعضهم ببعض ليظهر النور بالظلام ، ولتظهر حقائق العلوم بالحوار والمناقشة ذلك ناموس الله في قلب الإنسان ، وقد قضى سبحانه ألا تتفجر ينابيع الأرض علوما وأفكارا ، وألا تجري أنهار هذه العلوم ، والفكر إلا من بعد أن تتقابل الأسماء وتختلف ، ويتكئ أصحاب الصفات على أرائك الصفات متقابلين.
١٨ ـ (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (١٨))
[الجاثية : ١٨]
الشريعة الإسلامية خاتمة الشرائع وأكمل الشرائع ، فما عرف تاريخ الشرائع شريعة أكمل وأوسع وأدق وأشمل من الشريعة الإسلامية ، وإحاطة هذه الشريعة بحياة الإنسان وبكل ما يتعلق بجوانب حياته الاجتماعية والقانونية والصحية والعائلية والروحية جعلت البناء كاملا قويا كامل الأوصاف يلجأ إليه الإنسان في كل أمر فيجد عنده الجواب والوسيلة والراحة والهدى والطمأنينة وحلا لكل مسألة ، ولو لا أنه سبحانه أراد دفع الناس بعضهم ببعض ، وجعل منهم اليهود والنصارى وباقي الأمم لكانت الشريعة الإسلامية كتابا أمميا شاملا يعد ناموس الحياة وقانونها الأوحد.
١٩ ، ٢٠ ـ (إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (١٩) هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٢٠))
[الجاثية : ١٩ ، ٢٠]
التقوى باب اليقين والمدخل إليه ، وتمام التقوى أن يتقي الإنسان نفسه بتقوى الله ، وأن يرد أمره إليه ويجعله إليه وبين يديه ، وهذا هو علم اليقين الذي دعا الرسول لتعلمه.
وقال سبحانه : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) [الطّلاق : ٢] ، وذلك بأن يكون الله ولي