شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٩) مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠) هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (١١))
[الجاثية : ٦ ، ١١]
من كان من أهل الضلالة لا يسمع صوت الضمير ، ولئن استمعه لم يأبه ولم يكترث ، ووصف هذا الحال كأن صاحبه لم يسمع آيات الله تتلى وهذا صحيح ما دام الإنسان أصم عن سماع الصوت الذي لا يجد لديه هوى.
١٢ ـ (اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢))
[الجاثية : ١٢]
البحر إشارة إلى العالم المادي ، فكما أن الله خلق من الماء كل شيء حي ، كذلك جعل هذا الماء سبب الحياة أيضا ، والفلك العاقلة النظرية في الإنسان العائمة في بحر المحسوسات تبتغي من فضله ، وفضله الإتيان بالمحسوسات مطبوعات في صور هي انطباعات حسية لا تلبث أن تتحول إلى تجريدات عقلية خالصة.
١٣ ، ١٤ ـ (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣) قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤))
[الجاثية : ١٣ ، ١٤]
سموات العقل وأرض البدن جميعا منه سبحانه وهي مسخرة للإنسان ، فالإنسان على هذا خلق من الرحمة ، وبالرحمة يحيا ، وإلى الرحمة يصير ، وقالت الفلاسفة القدامى إنه ما من انطباع يطبع في العقل إلا والعقل الفعال طابعه ، وقالت الصوفية أصحاب نظريات الأنوار كالغزالي والسهروردي إنه ما تحرك متحرك ولا سكن إلا بأمره تعالى فله الخلق والأمر ، والأرض والسموات جميعا في قبضته بل هن قبضته.
١٥ ـ (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥))
[الجاثية : ١٥]
الأمر من النفس وبالنفس وإلى النفس والنفس صورة الرحمن ، والرحمن صاحب الصور كيف يشاء يصور من في الأرحام ، فمن عمل صالحا فالنتيجة اكتساب جمال الاسم الجميل ، ومن عمل طالحا اكتسب ظلمة الاسم الجليل ، وله سبحانه الجمال والجلال لا إله إلا هو ، وصف نفسه بأنه الغفور الودود ذو الرحمة ، كما وصف نفسه بأنه العزيز الجبار المنتقم المتكبر. جاء في أسباب نزول : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) [فاطر : ٨] ، عن ابن