سورة الجاثية
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ٤ ـ (حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤))
[الجاثية : ١ ، ٤]
الملاحظ أن هذه السورة والعديد من أوائل السور التي سبقتها ، تبدأ بالحاء والميم ، أي بالرحمة الموجودة في مركز الدائرة الكونية ، ثم دعا إلى التفكير في النفس ، وفي خلقها وحقيقتها ، كما دعا للتفكير في خلق كل دابة بثها الله في الأرض.
وعلماء الطبيعة والحيوان يكتشفون يوما بعد يوم تمحور الوجود حول قانون واحد ، سار في كل شيء ، وسار في خلق النبات والحيوان والإنسان ، وقد حملوا حواسيبهم هذه المعلومات المتعلقة بكل جنس وكل نوع ، متابعين الكشف عن هذا القانون الذي جعله الله عماد الحياة.
وعلماء الحيتان بخاصة لم يتوصلوا إلى اكتشاف قانون طبيعة الحوت إلا في الأعوام الأخيرة ، وقد ظنوا قبل سنين أن لا يجمع هذه المخلوقات نظام ، ثم تبين لهم بعد الرصد والملاحظة العلمية أن للحوت موسيقاه وأصواته ، وأن موسيقاه نغمات منها صوت للتزاوج وآخر للتجمع وثالث لجمع الغذاء ، وسجلت العلماء هذه الأصوات حتى أنهم استطاعوا أن يعيدوا حوتا ضل سبيله فدخل نهرا وذلك بأن بثوا في الماء موسيقى من نوع صوته دعته للعودة إلى البحر. وما يزال علماء الحوت يتابعون تقصي حقائق هذا الحيوان المجعولة في البحار ، وقد عرفوا بعض أسراره وجهلوا الباقي الدفين.
٥ ـ (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٥))
[الجاثية : ٥]
الرياح أنواع ، فريح للغواية ، وريح للهداية ، وريح فيها عذاب التناقض الأليم ، فالرياح إشارة إلى الخواطر التي تغزو الدماغ لا العكس ، فتصرف صاحبه إلى جهة الشمال ، وإلى جهة اليمين والتصريف لله ، فكما أنه سبحانه يصرف الرياح في الفضاء تجري بأمره كذلك هو سبحانه مصرف الرياح في عالم الإنسان تسوقه كيف يشاء لاراد لحكمه ، ولا معقب لأمره.
٦ ، ١١ ـ (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٨) وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا