٦٠ ـ (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠))
[الزخرف : ٦٠]
الوجود الحق هو للملائكة لأنهم أنوار كما قلنا ، والإنسان جسم مادي وكل جسم مادي فان ، فعملية الخلق دائمة ومستمرة ، وكل مخلوق جديد يخلق هو خلف لمن مات قبله ، والملائكة وحدهم الخالدون ينتقلون نورا من جسد إلى جسد ليستمروا في حمل الصفات الإلهية وطبعها في خلايا الحبال العصبية جسدا بعد جسد ، وآنا بعد آن.
٦١ ، ٦٥ ـ (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٢) وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥))
[الزخرف : ٦١ ، ٦٥]
قرن سبحانه بين علم الساعة والصراط ولذلك لطيفة ... ذلك أن من قامت قيامته الصغرى التي هي بمثابة قيام ساعته الكبرى عرف جلية الأمر ، وجلية الأمر صراط مستقيم ، عليه بني الوجود بما فيه وبمن فيه.
٦٦ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٦٦))
[الزخرف : ٦٦]
الإشارة إلى أن الله بالمرصاد ، والساعة جعلها رصدا ، كما وصفها سبحانه في موضع آخر بأنها شهاب رصد ، وقوله : (لا يَشْعُرُونَ) يعني أن الرصد قائم ومستمر ، فالمعقول للعاقل بالمرصاد ، وهو قائد له ، والعاقل بالمعقول قائم ، منقاد له طوعا أو كرها ، علم هذا أم جهل ، فالإنسان العاقل لا يشعر عادة كيف يقاد ، ولا كيف يقاد أهل الجنة إلى الجنة بالسلاسل وكذلك أهل النار.
٦٧ ـ (الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧))
[الزخرف : ٦٧]
لدى انكشاف الأمر يلتحق العاقل بالمعقول ، والمعقول بالعقل الكلي ، والعقل الكلي بالله فلا يبقى إلا الله ، والكشف يكشف كيف يدرج الناس في الصفات ، وتدرج الصفات في الأسماء ، ولما كانت الأسماء متقابلة ومتناقضة كانت النتيجة أن الناس بل الأخلاء بعضهم لبعض عدو ، وهذا مشاهد في الحياة اليومية حيث تصطرع الأسماء ولا تتوقف عن هذا الصراع.
ولقوله الأخلاء لطيفة ، ذلك أن مثل الناس كمثل الطيور التي على أشكالها تقع ، فالمنافق أخو المنافق ، والكافر يؤيد الكافر ، ولكن لهذا التجانس أمدا إذا قضى انقلب الخليل عدوا كما هو مشاهد في الحياة اليومية أيضا ، واستثنت الآية المتقين الذين هم أصحاب الكشف