العلمي اليقيني الذي يخرج الإنسان من دائرة الصفات والأسماء ويجعله خارجها ، فينفك من ثم من أسرها ، فلا عدو للمتقي ، وهو إن حارب حارب في الله وجاهد ، علما أنه لا يغفل عن سر القدر في الخلق ، وأن من يحارب ويجاهد هو من تدبير فعل القدر نفسه ، ولهذا اتصف الفتح الإسلامي بصفات ما عرفتها فتوحات مثله في التاريخ ، ووصية أبي بكر عند توجيه الجيوش للفتح معروفة ، فلا فاتح أرحم من العرب.
٦٨ ، ٧٦ ـ (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (٧٠) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (٧١) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ (٧٣) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (٧٦))
[الزخرف : ٦٨ ، ٧٦]
المتقون في سلام يحبرون ، وفي جنات النعيم ساكنون ، يطوف عليهم ولدان ولدوا من الصفات الإلهية التامة الجميلة حاملين صحائف فيها من عطايا الصفات نفسها .... ومن أعظم قدرا وأرفع شأنا من الأنبياء والأولياء العارفين الرجال الكمل في التاريخ وقد نفذوا من أقطار السموات والأرض بسلطان علم اليقين فرأوا رأي العين الجنة وأهلها والنار وأهلها ، وبكل تطوف الملائكة حارسين يمنعون الناس النفاذ من هذه الأقطار المحدودة.
والمتقون على الأرائك يشهدون كيف يبدأ الله الخلق ثم يعيده ، وكيف ينبت الناس من الأرض نباتا ، ثم يخرجهم منها ثم يعيدها فيها.
٧٧ ، ٧٨ ـ (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ (٧٧) لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٨))
[الزخرف : ٧٧ ، ٧٨]
لا انفكاك لأصحاب النار من النار ، وذلك كما تقتضي الصفة التعلق بالموصوف أبدا ، وسمي الملك حارس النار مالكا وللتسمية لطيفة ، وذلك أن المالك اسم فاعل من الملك ومن ملك ، فمالك النار هو المالك لها ولأهلها ، ولهذا كان أصحاب النار ملائكة لا جنا ولا شياطين ، موكلين بها وبمن فيها بحكم كونهم من الأنوار الجبارة الفاعلة في السموات والأرض ، جاء في موضع آخر على لسان أهل النار وهم يخاطبون أهل الجنة (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) فقيل : (قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً).