الذرات وتفككها وتحولها من عنصر إلى آخر كما يحدث في الشموس أمر ذو علاقة بالقدرة الخلاقة لاسمه تعالى الحي.
٣٧ ، ٤٠ ـ (إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٣٩) قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ (٤٠))
[المؤمنون : ٣٧ ، ٤٠]
البعث بعث الاسم والصفة ، فما دامت الأسماء لله والصفات إلهية ، وما دامت الأعيان الثابتة خالدة فتعيناتها بالتالي خالدة ومبعوثة بعثا دائما سواء على مستوى النفس الجزئية أم الكلية التي تطلب المتعلقات المادية لتظهر بها ، فالاسم الذي يظهره الإنسان ويظهر به ينتقل من جسم إلى جسم دون توقف ، فهو إن توقف عن طلب التعلق بالتعين كف عن أن يكون اسما ، وبطل فعل الصفة ، وهذا مستحيل ، لأنه سبق أن قلنا أن لا فكاك بين الأسماء والعالم العياني من جهة ، وبين الأسماء والعالم الإلهي من جهة أخرى ، وهذا ما فصلنا الكلام فيه في الجزء الثاني من كتابنا «علم الكشف» وهو الجزء المسمى الإملاء.
فالإنسان خالد ، إن عاش في هذا الجسد حينا ، انتقلت حقيقته إلى جسد ثان ، وليس هذا أمرا متعلقا بتناسخ الأرواح ، بل هو متعلق بالكليات ولا بد للكليات من جزئيات ، ولا بد للجزئيات من كليات ، ولهذا قالوا إن الكلي كتجريد كلي غير موجود.
٤١ ، ٤٢ ـ (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ (٤٢))
[المؤمنون : ٤١ ، ٤٢]
الصيحة بالحق إشارة إلى الخاطر القاهر ، وهو دائم الفعل في القلب ، فالصيحة دائمة إذن مثل البعث والتجدد والنشور ، فلكل قلب صيحة ، وليس له من أسرها فكاك ولا خلاص ، فالله برأ النسمة لكي تكون مستودعا للصيحة بالحق ، وإلا فأين تصبح هذه الصيحة إن لم يكن الإنسان المستقبل لها ثم المذيع ... ولهذا شبهنا الأمر في كتابنا الإنسان الكبير بأن الإنسان هو على الحقيقة بوق ينفخ في مدخله فينطق الإنسان من مخرجه ، كما قلنا أيضا إن الإنسان جهاز استقبال وإرسال مصطنع للقائد الأعلى.
٤٣ ، ٤٤ ـ (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣) ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (٤٤))
[المؤمنون : ٤٣ ، ٤٤]
معنى الأحاديث أن لا يكون للإنسان من هدف ولا معنى لوجوده وهذا هو العبث ذاته ، والرسل يهدون إلى الحق ، ويهبون الحياة المعنى المطلوب وهو البحث عن الله في ذات