سورة الزخرف
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ـ (حم (١))
[الزخرف : ١]
الحاء حيرة العارفين بعد إتمام العروج في سموات المعارج والمعارف ، فإذا الله ظاهر باطن ، وهو الأول والآخر ، والإنسان المستودع للأمانة الإلهية من الأسماء والصفات ، والميم مركز الدائرة المشع وقد تحدثنا عنه من قبل ، فإذا كان انطوى في الإنسان العالم الأكبر كما قال الشيخ الأكبر ، فإن النتيجة أن الإنسان دائرة محيطها هيكله ومركزها الله وأسماؤه وصفاته.
٢ ـ (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢))
[الزخرف : ٢]
المبين الذي يظهر حقائق التوحيد ، فليس ثمة إلا القرآن من يظهر العرفان.
٣ ، ٨ ـ (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (٥) وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٧) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨))
[الزخرف : ٣ ، ٨]
إذا كان القرآن قد نزل عربيا لتفهمه العرب ، فما تكون لغة أم الكتاب وفي أم الكتاب يكون القرآن؟ في الحقيقة أن أم الكتاب ليست كلاما من النوع الذي يقال ويسمع ، ولهذا قال سبحانه إن القرآن في أم الكتاب ، ولم يقل إنه من أم الكتاب ، أو أنه خرج من أم الكتاب ، والنكتة أن أم الكتاب هي مجموعة الحقائق العلمية المثبتة وغير القابلة للتبديل ، فالحقيقة يعبر عنها بالحرف والكلمة ، ولكنها ليست هي نفسها الحرف والكلمة ، فحين توصف الشجرة بأنها خضراء فإن الخضرة تكون في الشجرة ولا تكون ، لأن الخضرة نفسها ليست الشجرة ، كما أن الشجرة ليست الخضرة ، ولهذا قيل إن صفاته تعالى ليست هو ، وليست غيره ، قال الإمام أبو محمد عبد الله المرتعش ذهبت حقائق الأشياء ، وبقيت أسماؤها ، فالأسماء موجودة والحقائق مفقودة.
٩ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩))
[الزخرف : ٩]
كنا قد ذكرنا عما نتج عن اكتشافات إيبلا الأثرية التي أثبتت أن القدامى عرفوا الله الواحد الأحد وعبدوه ، بالإضافة إلى عبادة آلهة رمزية ثانوية أخرى ، فهذه الأمم ، ومنها العرب ،