٣٩ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩))
[فصلت : ٣٩]
الإشارة إلى أرض النفس التي تكون نائمة لا تعي الحقيقة ولا أين هي ، جاهلة ما للغيب من قوى هي المسيرة للوجود ، فإذا شاء الله لها أن تستيقظ أرسل إليها روحه فانتبهت وصحت ووعت وأدركت كالأرض الظمآى إذا مطرت اهتزت وربت وحييت بعد موات.
٤٠ ، ٤٢ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢))
[فصلت : ٤٠ ، ٤٢]
كيف يخفى على الله شيء والله باطن كل شيء؟ وإذا كانت جهنم بالمرصاد ، فإن الله من قبل جهنم بالمرصاد ، ولو علم الناس كيف يراهم الله لرجفت قلوبهم كما ترجف الأرض عند الزلزلة ، ولا يخاف الله أحد كالأنبياء والصوفية لعلمهم بمدى قربه ، بل كونه هو هويتهم وسرهم ونجواهم ، ولا تأمن الأنبياء والصوفية مكر الله وإن نودوا بالغفران وهذا ما ورد في الحديث والقصص ، فالله حقيقة العالم وبطنانه ، ولهذا قالت الصوفية ما خفي إلا لشدة ظهوره ، ولو ظهر نور الله مجردا صرفا لاحترق العالم بما فيه ، ولهذا قال عليهالسلام : إن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه البصر من خلقه ، والملحدون الذين يلحدون في آيات الله أي يكذبون هم المكذبون بفتح الباء ، ولا يعلمون ، فحقيقة الأمر استدراج ومكر مكروه هم في المدينة ، ومكره الله في مدينة البدن ، فالله هو وحده المستوي على عرش الوجود ظاهرا وباطنا ، ولهذا قالوا هو الواجب الوجود ، وله الممكن الوجود ، فلا يخرج عليه شيء.
والاطلاع كشفا على مدى الوجود الإلهي وسلطانه هو الذي جعل سلاطين الصوفية يزهدون في متاع الحياة الدنيا وزينتها ، ولا يمدون أعينهم إلا إلى الله ، فترى إبن الفارض معتكفا في جبال مكة ، وترى إبن أدهم يفر من الناس لينفرد بربه ، وترى رابعة تجالس الناس بجسدها ولا تهب قلبها إلا لله ، وترى الغزالي يسعى بين دمشق والقدس سنين جادا وقد جذبته لوامع الأنوار.
٤٣ ـ (ما يُقالُ لَكَ إِلاَّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (٤٣))
[فصلت : ٤٣]
حقيقة الأديان واحدة ، إنما جعل الله الكشف عنها درجات ، فخص موسى عليهالسلام بكشف