والمصابيح التي زين الله بها السماء الدنيا هي النجوم الظاهرات ظاهرا ، والباطن النجوم الباطنة وهي المعقولات الثابتات الحافظات ولقد قال سبحانه في موضع آخر (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤)) فالله حفظ القلوب بهذه المعقولات الحافظة المقسمات أمرا ذلك تقدير العليم الحكيم.
١٣ ، ١٥ ـ (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (١٤) فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (١٥))
[فصلت : ١٣ ، ١٥]
الصاعقة إشارة إلى نبأ الكشف الذي هو بمثابة قيام الساعة الصغرى والقيامة الصغرى كما كنا أسلفنا الكلام ، وهو يري البصيرة أن كل ما عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ، والكشف دق إسفين في أرض الفكر الإنساني يشقه شقين ، ويشطره شطرين ، شطرا لله وشطرا للبشر ، ثم يمحق الله الشطر البشري ، فإذا الله وحده الواحد القهار فوق هذا الفكر فلا فارس نحاسي في الساحة سواه.
١٦ ، ١٩ ـ (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (١٦) وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٧) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (١٨) وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٩))
[فصلت : ١٦ ، ١٩]
الريح نوعان ريح للهداية وريح للغواية ، فأما ريح الهداية فهي كما قال سبحانه في سليمان وإبراهيم والمؤمنين : (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً) وأما ريح الغواية فهي للذين استكبروا عن التسليم للحق بغير حق فكانت ريحهم هي المضلة ، فالريح هنا ريح الفكر المضل نفسه.
٢٠ ، ٢١ ـ (حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١))
[فصلت : ٢٠ ، ٢١]
كنا قد تحدثنا عن دور الحواس في كتابنا الإنسان الكامل ، وبينا أن الحواس خادمة للإنسان ولكنها ليست هو ، والإنسان لها ريس ، وهي جند له يستخدمها كيف يشاء ، حتى إذا قامت الساعة ، صغرى كانت أم كبرى ، كشفت الحواس عن حقيقتها وأبانت جوهرها ،