كان الإنسان العالم العاقل الذي رفعه الله بالعلم على بقية الكائنات ، وفضله تفضيلا.
١٦ ، ٢٠ ـ (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٧) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠))
[غافر : ١٦ ، ٢٠]
قال صلىاللهعليهوسلم : (لا صبح عند ربكم ولا مساء) ، وإذا نظر الإنسان إلى الشمس من مكانه وجد أن لها مشرقا ومغربا ، ولكنها على مستوى الفلك الكلي لا مشرق لها ولا مغرب ، بل هي ضياء دائم ، وإذا أذن المؤذن لصلاة الفجر في المشرق أذن المؤذن لصلاة العشاء في المغرب ، فأين الفجر وأين المغرب بالنسبة لله؟
ولقد تحدثنا عن اليوم الإلهي ، وقلنا إنه يوم وجودي ، والزمان والمكان مشتقان عنه ، وليس هو المتفرع منهما ، والآية تتحدث عن هذا اليوم الإلهي الذي يبرز فيه الناس لله ، وما دام الإنسان لا يتكلم إلا بعد أن يسمع الإلهام ، ولما كان الإلهام صفة من صفات الله وهي الكلام ، كان الحاصل أنه ما من كلام إلا والله من ورائه محيط ، والله القائل ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ، والإنسان ينام بحكم طبيعته ، وعند ما ينام الإنسان في المغرب يكون الإنسان قد استيقظ في المشرق ، فالإنسان ينام وعين الله لا تنام ، والنتيجة أن الناس ظاهرين وباطنين بارزون لله لا يخفى عليه منهم شيء.
٢١ ، ٢٣ ـ (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ (٢١) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣))
[غافر : ٢١ ، ٢٣]
الأخذ بالذنب أخذ المعلول بالعلة والموصوف بالصفة فيكون الأخذ جزاآ وفاقا ، إذ كل معلول صادر عن علته ، والذنب ذنب الوجود نفسه كما قال صوفي : وجودك ذنب لا يقاس به ذنب والذنب هنا احتجاب العرض عن الجوهر وقيامه بذاته وهذا خطأ وجودي فلسفي ، وهو كفر بالله ، فما لم يرجع الإنسان إلى جوهره ، ويعرف جوهره ، فهو مذنب مشرك غافل عن الوجود الإلهي ، وغافل عن حقيقته وحقيقة نفسه.
٢٤ ـ (إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤))
[غافر : ٢٤]