سورة الصافات
بسم الله الرّحمن
الرّحيم
١ ، ٢ ـ (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١)
فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢))
[الصافات : ١ ،
٢]
الصافات ملائكة
المعقولات ، أي جواهرها ، وهي الأنوار الشريفة الصادرة عن نور الروح ، والتي تعمل
بأمره في عوالم المكوت والملك ، قال ابن عربي : الملائكة من المألكة أي الرسالة.
فلا خروج لأحد
على هذه المعقولات ، ولا قيام لعقل جزئي من دون هذه الكليات الحاكمة المالكة
المتصرفة في قلوب العباد ، ولهذا وصفت الملائكة بأنها زاجرة ، أي سائقة.
٣ ـ (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣))
[الصافات : ٣]
الذكر القرآن ،
إذ سمى سبحانه كتابه الذكر في موضع آخر ، فالقرآن هو كتاب الوجود العلمي الجامع
كما سبق لنا القول ، وهو الجمع قبل النشر ، وهو الفرقان بعد النشر ، فيكون الأمر
خروج ما هو بالقوة إلى ما هو بالفعل.
٤ ، ٥ ـ (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (٤) رَبُّ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ (٥))
[الصافات : ٤ ،
٥]
ربطت الآية بين
الإله والواحد ، ذلك لأن الألوهية تقتضي المألوهية ، أي أن الحق خلق الوجود ليظهر
به ، فأول ما خلق الله الواحد الذي سمي في الفلسفة الواحدية ، والواحدية نسبة
تقتضي وجود الكثرة وإلا لما سميت الواحد ، والواحد عدد ، والعدد تجريد خالص ، وكنا
قد ذكرنا في كتابنا الإنسان الكامل كيف كان الوجود نورا صرفا ثم كان وجود
الموجودات العيانية ، فالواحد أول موجود عن النور الصرف ، وهو النور الذي يقتضي
الصفات أولا والكثرة ثانيا ، وقلنا الواحد تجريد صرف ، فإذا قلنا واحد فنحن لا
نعني شيئا محددا ، كذلك النور الصرف هو نور محض لا يمكن أن يرى ويحس ، ولهذا سماه
الغزالي النور المعنوي الذي هو قوام النور اللطيف والنور الكثيف الذي هو الموجات
الضوئية أو الفوتون في العلم الحديث.
ومن الواحد
تصدر الصفات ، ونحن إذا قلنا قلم تمثلنا صورة القلم ، فبإضافة الصفة إلى الواحد
وهي القلم تمكنا من تمثل الواحد الذي ظهر في قلم ، قال سبحانه في سورة مريم : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) [مريم : ١٧] ، وكان جبريل الروح الكلي قد ظهر لمريم في صورة بشر سوي ، كما
تمثل للرسول صلىاللهعليهوسلم في صورة أعرابي دخل عليه وهو جالس مع أصحابه فجعل يسأله