٩ ـ (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (٩))
[يس : ٩]
السد إلهام الاسم ، فالإنسان يفكر ، وتفكيره مستمد من حضرة مزدوجة هي الكيان الإنساني ، أو كما قال سبحانه : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) [الأعراف : ١٨٩] ، وعلى هذا فالخيرة في ما اختار الله ، ما كان لهم الخيرة ، ولقد عرفنا الإنسان في كتابنا الإنسان الكبير بأنه جهاز استقبال وإرسال مصطنع للقائد الأعلى.
١٠ ، ١١ ـ (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠) إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١))
[يس : ١٠ ، ١١]
المغضوب عليهم مختومون بالشقاوة ، وهؤلاء لا ينفع فيهم الإنذار والنصح ، وقد قال سبحانه من قبل مخاطبا نوحا عليهالسلام : (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) [هود : ٣٦].
١٢ ـ (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (١٢))
[يس : ١٢]
إحياء الموتى بعث الغافلين من مرقدهم ، والإشارة إلى أهل التوحيد ، وهم أمة قديمة ترجع إلى عهد آدم ، وكتابة ما قدموا وآثارهم تعني سبق القضاء للقدر ، فالقضاء محكم والقدر مبرم ، والله عليم بما كان من قبل أن يكون ، وهو الذي قضاه ، والإمام لوح القضاء نفسه ، وسمي اللوح المحفوظ ، وكونه محفوظا أن الله الآمر من قبل ومن بعد ، وما أحداث الحياة إلا خروج ما سطر في هذا اللوح أزلا هو الأزل الإلهي لا شريك له ولا خروج عليه ، يقول إسبينوزا : الأشياء تتعلق بإرادة الله ، ولا يمكن تغيير ما تقوم عليه الأشياء إلا بتغيير إرادة الله ، وإرادة الله لا يلحقها تغيير ، لأن هذا ينافي الكمال ، إذن لا يلحق الأشياء تعديل ولا تغيير.
١٣ ـ (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣))
[يس : ١٣]
قلنا القرية البدن ، فأصحاب القرية قوى البدن من حواس ظاهرة وباطنة ، والمرسلون الجنود من الملائكة الذين سمّوا في الفلسفة الأفكار القبلية والمعقولات الأزلية والكليات العقلية ، والمرسلون من الملائكة يأتون بهذه المعقولات القلب الذي هو جوهر البدن وحقيقته ومحل السر الإلهي العظيم الذي قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (قلب المؤمن من عرش الله) ، ونضيف بل القلوب جميعا عرشه وكرسيه وسماؤه وأرضه ، سبحانه خلق الإنسان ، علمه البيان ، ليشرق الوجدان بنور العلم والإيمان.
١٤ ـ (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤))
[يس : ١٤]