ومن لم ير الله ميت ، لأنه هو أصلا ميت بذاته حي بالله ، فإذا فقد الله عاد إلى موتته الأولى دون أن يعلم.
٢٢ ، ٢٣ ـ (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢) إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (٢٣))
[فاطر : ٢٢ ، ٢٣]
إذا أراد الله أن يسمع عبدا ناجاه في قلبه وهذا هو فعل النور ، وهذا النور مشع ، هو شعور ووجدان قبل أن يكون عقلا ، ولئن حاول العقل المماراة والمجادلة غلبه النور لأن النور حضور ، والحضور أقوى من الفكر لأنه شعور.
والنبي لا يستطيع أن يسمع الموتى ، لأن الموتى صم بكم لا يسمعون ، ختم الله على قلوبهم وجعل عليها قفلا ، فهم يلهمون العصيان والكفر والفجور ، والله فوقهم قاهر.
٢٤ ـ (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤))
[فاطر : ٢٤]
النذير تعين الإنسان الكامل ، وهو تجسيد دوري للدورة الوجودية التي كنا تحدثنا عنها ، وأصل النذير نور داخلي ذاتي موجود في الأحياء من الناس ، ولهذا قال عليهالسلام : خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام ، فأبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم كانوا في الجاهلية أحياء ، وكان مجيء الإسلام كشف ستارة هذه الحقيقة المشعة أنوارها منذ بدء الخليقة.
٢٥ ، ٢٦ ـ (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٢٦))
[فاطر : ٢٥ ، ٢٦]
ما ظهر بشير ونذير إلا كذب وعودي وحورب ، وهذا ما تقتضيه طبيعة التضاد ، فبالعصيان والصراع يحتل النبي مكانه تحت الشمس وتنكشف حقيقته ، ولو لا المحاربة ما كانت المجاهدة ، ولو لا العدو ما كانت الحرب ، والله كتب على المسلمين الجهادين الأصغر والأكبر.
والنصر للحق وللحقيقة ، لأن من طبيعة الأسماء الانتصار للنور ، وانتصار النور لها ، فتلك الأيام يداولها الله بين الناس ، وللباطل جولة وجولات ، ثم يجيء نصر الله والفتح.
٢٧ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (٢٧))
[فاطر : ٢٧]
الثمرات المعقولات ، ويخرجها التضاد من كونها بالقوة في النفس البشرية إلى كونها بالفعل ، واختلاف ألوانها أصنافها وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى ، وقال ابن عربي إن كلمات الله لا تحصى.