أخرى ، وظهوره يكون لميقات معلوم يحدده الله عزوجل.
١٥ ، ١٧ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (١٧))
[فاطر : ١٥ ، ١٧]
ما عرف التاريخ أناسا فهموا الفقر ووعوه ووقروه كالصوفية ، فلقد اشتهرت الصوفية بالفقر وبكونهم الفقراء إلى الله ، وذلك لعلمهم ماهية الفقر الذي هو الفقر الإمكاني الظاهري إلى الوجود الوجودي الباطني ألا وهو الله ، والفقر الوجودي فقر دائم كحاجة المصباح الكهربائي إلى التيار الكهربائي ، فهو به يعمل ، ومن دونه هو معطل ، فوجوده مرتبط بوجوده ، ولولاه ما كان ولبطل عمله.
فالروح المحرك الذري الوجودي القيوم الذي يقوم به كل شيء ويدوم ، والروح نفسه قائم بالحق ، وهو قدرته وحكمته ، والحق غني قائم بذاته مستغن عن الكونين.
١٨ ـ (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (١٨))
[فاطر : ١٨]
المثقلة النفس المثقلة بالوزر ، وطبيعة النفس ذاتها تأبى حمل وزر غيرها ، وهذا بدهي ما دام كل نفس بما كسبت رهينة ، وما دام كل نفس لما عليها حافظ ، فالأمر متعلق بصلة النفس بالنفس الكلية ، فلا يمكن أن تتحول النفس عن باطنها لتأخذ من نفس جزئية مثلها ، أو تحمل وزر هذه النفس.
١٩ ، ٢١ ـ (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ (٢٠) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (٢١))
[فاطر : ١٩ ، ٢١]
الأعمى من لم ير الله ظاهرا في هذا الوجود ، والبصير من رآه ، ومن لم ير الله فهو في الظلمات ، لأن ما حوله ظلمات كثيفة في عالم العيان ، وهو في هذه الظلمات كسفينة في بحر عاصف ، ومن رأى الله فهو في النور وبالنور ، وعلى النور محمول ، فهو في نعيم منعم ، وفي جنة العلم محبر ، وهو عند الله ساكن ، وفي رحمته مقيم.
ومن رأى الله لا يموت كما قال عيسى عليهالسلام : من آمن بي وإن مات فسيحيا ، ومن عاش مؤمنا بي لا يموت ، وقال فيثاغورس : إذا فعلت الخير ، ثم فارقت هذا الهيكل كنت سائحا في الملكوت غير صائر إلى الإنسية ولا قابلا للموت.