٤٦ ، ٤٨ ـ (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ
أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ
جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦) قُلْ
ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ
وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ
عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٤٨))
[سبأ : ٤٦ ، ٤٨]
المثنى تردد
القلب بين الفجور والتقوى ، وفرادى الرجوع إلى الوتر بعد الشفع ، وهو وضع سنفصل
الكلام فيه في سورة ياسين.
ورميه صلىاللهعليهوسلم بالجنون جنون ، إذ أنه عليهالسلام مظهر نوره ، ونوره العقل الذي عرف في الحديث بأنه أول
ما خلق الله ، فبين النبي والجنون سور لا يخرق ، ولئن تعرض دماغه لآفة ، كما يقع
لبعض الناس إثر الحوادث ، فإن نوره الباطني يرتق هذا الفتق ، وهذا حال يستحيل
تصوره ، علما أنه ممكن عند الأنبياء.
٤٩ ، ٥٠ ـ (قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ
الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي
وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠))
[سبأ : ٤٩ ، ٥٠]
الحق القرآن ،
والحق الحقيقة ، والباطل ، إن عد باطلا ، وهو الوجه الآخر للحق ، فإنه يتلاشى
ويفسح المجال للحق ليحل محله ، ومنذا الذي يقبل الباطل في هذا العالم؟ حتى الطغاة
من الكفار والعتاة يرفعون شعارات الحق إذا ما أرادوا استمالة الناس فالحق محقوق ،
والباطل زهوق.
٥١ ، ٥٤ ـ (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ
وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٥١) وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ
التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ
وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي
شَكٍّ مُرِيبٍ (٥٤))
[سبأ : ٥١ ، ٥٤]
الموت يضع حدا
للعب النفس الجزئية على مسرح الوجود ، ووصف سبحانه الدنيا بأنها لهو ولعب ، وعلة
ذلك أن النفس الجزئية ممثلة الاسم والصفة ، فتمثيلها إذن لعب ، ومتى انتهى دورها
رحلت ، ولكن الغافلين لا يعلمون ، يعلمون من ظهور النفس ما يعلمون ، وهم عن
الحقيقة غافلون.