سورة فاطر
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١))
[فاطر : ١]
الملائكة الرسل الخواطر المتحكمة في القلب ، وبالتالي في العالم كله ، ولقد وصف سبحانه دور الملائكة في موضع آخر بقوله : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) [المدّثّر : ٣١] ، فليس في جهنم من حاكم فاعل سوى الملائكة ، فالملائكة الباطن من كل عيان وتعين ، قال سبحانه : (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) [المدّثّر : ٣١].
وكون الملائكة مثنى وثلاث ورباع يعني أن الخواطر مقسمة إلى أربعة أقسام نفسية وشيطانية وملكية وإلهية ، وجميعها مدرجة في الاسم الإلهي القاهر ، فلئن كان الإنسان ظهور الحق يمثل اسمه الظاهر ، فإن الملائكة هم باطن الحق يمثلون اسمه الباطن ، وبطون الملائكة الإنسان سبب استتارهم ، فالملائكة موجودون ولكن لا يشاهدون ، ولا يشاهدهم إلا أرباب البصائر الذين كشف عنهم الغطاء فرأوا الله ظاهرا في مظاهر الوجود ، أنشد إبن عربي :
فمنهم من تجسد لي بأرض |
|
ومنهم من تجسد في الهواء |
ومنهم من تجسد حيث كنا |
|
ومنهم من تجسد في السماء |
فهم يتصورون بكل شكل |
|
كلون الماء من لون الإناء |
٢ ـ (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢))
[فاطر : ٢]
الرحمة نور الهداية ، وفي قبضته تعالى الهداية ، والضلال ، من شاء هدى من عباده ، ومن شاء أضل ، سبحانه يفعل في خلقه ما يريد ، ولما كانت الهداية وقفا على المشيئة لم يوجد بالتالي مجال للمعارضة.
٣ ، ٤ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤))
[فاطر : ٣ ، ٤]
قضية الخلق ليست مقصورة على الخلق المعروف حيث ذكر الله المخلوق بأنه لم يكن شيئا مذكورا ، ثم كان بأمره .. بل تتجاوز القضية هذا الحد إلى حدود ظاهرة وباطنة ، فالرزق خلق وتجديد الخلايا ، والمحافظة على نظام وتوازن البيئة ، والمحافظة على نظام سير الكواكب في