ويسمع بأذنيه ، ويحرك يديه ورجليه؟
والعلم الحديث يقول إن إشارات كهربائية تنبعث من الدماغ إلى الأعصاب فتحركها ، بيد أنه لا يفسر لم أصدر الدماغ الإشارات ، ولا كيف أصدرها ، ولا كيف تلقى الأمر من الأنا ، وهو ما يزال يجهل من هي الأنا ، وإن كان الجميع سواء أكانوا كافرين أو مؤمنين من العلماء بل والناس أجمعين ، يعيشون الأنا ، وفي كيان الأنا ، ثم يعلنون متفاخرين أنا وأنا ، والكل جاهلون الأنا ، وهوية الأنا ، ومصدر الأنا ، ومصير الأنا.
٢٤ ـ (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤))
[سبأ : ٢٤]
كل ما في العالم رزق للإنسان ، حتى الكافر له رزقه المقدر من قبل اسمه والذي سمي في الآية الرزق السماوي
٢٥ ـ (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥))
[سبأ : ٢٥]
الآية تذكر بقوله سبحانه في موضع آخر : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)) [المدّثّر : ٣٨] ، وقوله : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤)) [الطّارق : ٤] ، فالقلب يستمع الإلهام ، والإلهام اسم فلا تسأل النفس إلا عن صفتها ، ولهذا قال سبحانه : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤].
٢٦ ـ (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦))
[سبأ : ٢٦]
قرن الفتح في الآية بالعلم ، فهو سبحانه الفتاح العليم ، وقال سبحانه في موضع آخر إذا جاء نصر الله والفتح ، فالفتح المفتاح ، ثم الدخول إلى جنة العلم بعد تجاوز سدرة المنتهى حمالة المعقولات.
وقوله : (ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِ) [سبأ : الآية ٢٦] يعني أن الفتح حق والفتاح الحق ، ويتم الفتح العلمي عن طريق الكشف والذوق ، فهذا هو المدخل إلى العلم الإلهي اللدني يعلم الإنسان به ما لم يكن يعلم ، أما بقية الفتوحات فتبقى رهينة الأسماء ، فكل قلب فتح ، وفتحه صفته ، وصفته مطبوعة فيه منذ يكون جنينا ينفخ فيه الروح.
٢٧ ـ (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧))
[سبأ : ٢٧]
لا شركاء لله ، ولئن جعل الناس له شركاء فهم في ما اتخذوا من شركاء عابدون لله ، بحكم تبعية الموصوف للصفة ، وهذا هو فحوى قول الصوفية إن الله معبود عن طريق أي معبود.