الحديث ، ولو كشف الله حجبه لنسفت قواعد الإنسان ولذاب ذوبانا ولفني فناء ، وهذا ما عبر عنه أبو يزيد البسطامي عند ما سأله سائل : متى يصل العبد إلى ربه؟ فقال : يا مسكين ، وهل وصل إليه أحد؟ لو بدا للخلق منه ذرة ما بقي الكون ولا ما هو فيه.
٦٠ ، ٦٢ ـ (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١) سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٦٢))
[الأحزاب : ٦٠ ، ٦٢]
طبيعة الرحمن الرحمة ، وفي الحديث القدسي : (ورحمتي سبقت غضبي) ، وألحت الصوفية ، وبخاصة ابن عربي على أن الرحمة شاملة ولها الختام ، وللأمر لطيفة وسر شرحناهما في كتبنا الصوفية ، وهما كون أصحاب القبضتين مقهورين شمالا ويمينا ، فلئن كان الأمر كذلك ، وله حكمة ، فكيف يؤاخذ الله الناس بظلمهم؟ كما بينا أن الحدود وضعت حفاظا على المجتمع ، وأنه لو لا الحدود لطغى الباغي في بغيه ، ولكن الله يدفع الناس بعضهم ببعض حفاظا على التوازن الاجتماعي ، ويدفع الأسماء بعضها ببعض حفاظا على توازن المعقولات.
والآية تهدد المنافقين والمرجفين ، ولهؤلاء دور مرسوم ، وكنا ذكرنا في كتابنا فتح الوجود أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يعلم المنافقين ، وأنه أسر أسماءهم إلى حذيفة بن اليمان فقط ، وأخفاها حتى على صحابته مثل عمر ، ولو أن الله أراد أن يبطش بالمنافقين والمرجفين لأمر النبي بذلك.
٦٣ ـ (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣))
[الأحزاب : ٦٣]
تحدثنا عن الساعة وكونها صغرى وكبرى ، وحقيتهما واحدة ، فالوجود باطن وظاهر ، وباطنه ساعته ، أي أن الوجود الحسي قائم بالوجود الروحي الذي هو ساعته ، أي ميقاته وعلمه وقيامه بها ، وهذا ما يشاهده المكاشف في مكاشفاته ، ولهذا يعيش القوم مقام الفناء الذي تحدثنا عنه أيضا ، والساعة الكبرى انفجار هذا الوجود المؤلف من ذرات أثبت وجودها العلم الحديث ، ويتم انفجارها بتوقف عمل الجاذبية الكهرطسية بين الذرات الموجبة والذرات السالبة ، فإذا العيانات صارت هباء منثورا ، وفي السور الأخيرة من القرآن وصف رائع ومهيب لهذه العملية التي يعرفها حكماء البوذية ، ويقولون إن للكون دورات وظهورات ، وإنه كلما أتم دورة عاد إلى الذر أي السديم الأول.
٦٤ ، ٦٨ ـ (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا