بالضرورة لقانون القضاء والقدر السابق ، فإذا وافقته نجحت ، وإن خالفته فشلت وأثبت الواقع خطلها وعقمها ، وعلى هذا قيل لا يصح إلا الصحيح.
٣٩ ـ (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٣٩))
[الأحزاب : ٣٩]
الحسيب الرقيب على أعمال الناس ، يرى ولا يغفل ، ويمهل ولا يهمل وله عاقبة الأمور. فإذا ظن الإنسان أنه يفعل ما يشاء بلا حساب فهو غر مغرور جاهل أبعاد الوجود الإلهي ومداه وإمكاناته وسريان قواه في شرايين الوجود ، ولو أن الوجود خضع لحكم الإنسان فقط لما عمر كل هذه الدهور ولأصابه الفساد ، ولكن عين الله لا تنام وهو فعال لما يريد ، قال إبن عربي : جميع الأفعال إنما هي أحكام أسمائه في الكون ، فلا فعل لأحد إلا الله ، فالأفعال كلها من الاسم القادر والقاهر ، فما يقهر بالاسم القاهر إلا موجد ذلك الفعل في الكون ، وهو أثر القاهر فما قهر إلا نفسه وهو أثر الاسم القادر ..
٤٠ ـ (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٤٠))
[الأحزاب : ٤٠]
تظهر الآية الحكمة من ألا يكون للنبي صلىاللهعليهوسلم ولد ، فعلى صعيد النسل فقد توفي أولاد النبي الذكور جميعا وهم صغار ، وعلى صعيد التبني رفض الله أن يكون التبني نفسه بمنزلة الأبوة ، وقال إن النبي ليس أبا أحد من رجال المسلمين ، وقوله : (مِنْ رِجالِكُمْ) فيه لطيفة ، وهي أن بنات النبي هن اللائي كبرن وتزوجن وكان لهن نسل ، فلو كان للنبي ولد عاش لكان من المحتم أن يكون ولده نبيا كحال معظم الأنبياء الآباء السابقين كإبراهيم وإسحاق ويعقوب .. ولكن الله جعل محمدا صلىاللهعليهوسلم خاتم النبيين ، والخاتم بفتح الفاء وكسرها ، فأما فتحها فلكونه عليهالسلام بمثابة الختم ، ويكون المسلمون قد ختموا ، أي لا يكون ثمت نبي بعد ، وكذلك قراءة التاء بالكسر تعني القول نفسه ، فالله سبحانه حقق قضاءه فلم يجعل لمحمد نسلا من الرجال فكان خاتم الأنبياء.
٤١ ، ٤٢ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٤٢))
[الأحزاب : ٤١ ، ٤٢]
سبح نزه وقدس ، ويكون التسبيح بأن تتعرف من الظواهر الاسم الظاهر ، وما علوم التوحيد كلها سوى وصف الطريق إلى الله ، ويكون السير بالاستدلال بالظاهر على الباطن ، فالله هو العالم بمعنى أنه جوهره وقوامه وذاته ، والله خارج العالم بمعنى انفصاله عنه لا بمعنى