الميثاق قديم أزلي ، ولقد أخذ من الأنبياء الذين صدروا من النور القديم والميثاق كإشارة تحقيق الفتق الوجودي وإخراج المكنونات في السرائر من الصفات والمعقولات.
٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٩))
[الأحزاب : ٩]
الجنود الوساوس وخواطر السوء ، والريح والجنود الذين أرسلهم الله على الجنود الأولين تسليط الأنوار على الظلمات فتبددها وتمحوها ، والفكر يفكر ، وقد يحمل الإنسان على إتيان الشر ، لكن الضمير للفكر بالمرصاد ، فكلما هم الشيطان بالوسوسة برز إليه الضمير فاصطرعا فانتصر الحق على الباطل إن كان الإنسان مكتوبا مهديا ، وانتصر الباطل على الحق إن كان الإنسان مكتوبا من الضالين.
١٠ ـ (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (١٠))
[الأحزاب : ١٠]
الإشارة إلى الجهادين الأصغر والأكبر ، فالأصغر لقاء العدو ، وهو يحتاج إلى مدد خارجي وداخلي ، أما الخارجي فهو أن يشد المؤمنون أزر بعضهم بعضا ، وأما الداخلي فهو تثبيت الله قلب المؤمن في ساعة الشدة ، وقيل ليست الشجاعة ألا تخاف ، ولكن أن تتغلب الشجاعة على الخوف.
١١ ، ١٨ ـ (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً (١١) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢) وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (١٤) وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧) قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٨))
[الأحزاب : ١١ ، ١٨]
الحديث عما يقع في الحرب ، فالمؤمن أخو المؤمن ، والمقاتل رديف المقاتل ، لكن للمنافقين دورا آخر ، فهم يخوفون ويشككون ويجبنون ويقولون أين وعد الله إن كان حقا؟ وكيف خذلنا وقد وعدنا الله النصر؟
والمنافق هو الجبان ، ومن بئره العكرة يمتح ماءه الكدر ، والمنافق يخاف الموت بحكم