سورة الاحزاب
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ٢ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢))
[الأحزاب : ١ ، ٢]
الخط الإلهي قانون أزلي أبدي عال فوق الزمان والمكان قاهر قادر مقتدر ، ومن يستقم على طريقة الله يسق ماء غدقا كما قال سبحانه في موضع آخر ، وهذا هو ملخص فلسفة الفيلسوف كانط الذي قال إن للعقل مجال العالم الظاهري ، وللأخلاق مجال الشيء في ذاته أي الله ، فالحق أوصى نبيه بالتمسك بما أنزل إليه ، وألا يطيع الكافرين والمنافقين ، وللأمر رقيقة .. ذلك أن من سلك طريق مكة وصل إلى مكة ، أما من عدل عنها ، حتى وإن كان بهدف الإصلاح ، كما فعل النبي إذ أراد أن يطيع الكافرين والمنافقين لتحقيق ما يريد ، فإنه بهذا يخرج على الطريقة .. فإذا فعل حرم السقاية ، وظل بالتالي جاهلا ، فبين ما حده الحق في كتابه وبين فلسفة كانط علاقة وطيدة ، وهي أنه من دون حفظ الشريعة وتنفيذ الوصايا الإلهية لا يمكن للإنسان أن يصل إلى الحقيقة ، وبالتالي لن يعرف الله.
٣ ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٣))
[الأحزاب : ٣]
الوكالة هنا قائمة على أساس أن الحق هو الحق ، وأنه لا يمكن أن يكون باطلا ، فمهما كابد النبي والمؤمن الوارث والولي فالعاقبة لهم ، أو كما سموا في موضع آخر المتقين الذين بشروا بالفتح المبين.
٤ ـ (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤))
[الأحزاب : ٤]
القلبان الفكر والوجدان ، والفكر فتنة للإنسان لأنه مركب للخير والشر كما بينا من قبل ، ولهذا حمل كانط حملته الشعواء على العقل ، ومن قبله فعل هذا الإمام الغزالى : أما الوجدان ، فهو المقر الإلهي ، وهو الضمير ، وهو الهدى ، وهو النور.
والحق أعلن أنه جعل للإنسان قلبا في جوفه لا قلبين ، فالفكر مضلة والوجدان هدى ، ولهذا أوصى الحق نبيه بأن يتبع ما يوحى إليه من ربه ، ومنبع الوحي القلب الذي في الصدر أي الوجدان والشعور لا الفكر الذي هو جامع التضاد معا.