سورة السجدة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ٣ ـ (الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣))
[السجدة : ١ ، ٣]
النذير هنا رديف البشير كما قال سبحانه في وصف النبي صلىاللهعليهوسلم في موضع آخر : (مُبَشِّراً وَنَذِيراً) [الإسراء : ١٠٥] ، وقوله : (لِتُنْذِرَ قَوْماً) [القصص : ٤٦] له رقيقة ، ذلك أنه سبحانه لم يقل قومك فقط ، فمن منظور كونه عليهالسلام النور المحمدي يكون هو النذير للأقوام منذ عهد آدم ، ولهذا قال صلىاللهعليهوسلم : (أنا أبو الأرواح وآدم أبو البشر) ، فكل نذير أتى قوما فحقيقته هذا النور الذي سماه الإمام الغزالي المطاع استنباطا من وصفه سبحانه الروح الأمين في القرآن.
فالهدى هدى نبوي نوراني قديم ، ولهذا قال سبحانه في الرسول صلىاللهعليهوسلم إنه أرسل رحمة للعالمين ، فعمم ولم يخص قوما دون قوم كما كان قال في موسى وعيسى عليهماالسلام المرسلين إلى بني إسرائيل ، وتقول الصوفية إن النور المحمدي حقيقة كل نبي باعتبار هذا النور جسرا وواسطة بين الإطلاق والتعين.
٤ ـ (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤))
[السجدة : ٤]
سبق وتحدثنا عن اليوم الزماني واليوم الإلهي العالي فوق يوم الزمان ، وكما قال عليهالسلام : لكل آية من آيات القرآن ظهر وبطن ، ولبطنه بطن إلى سبعة أبطن ، فالأيام الستة يمكن أن تؤول على أنها العناصر الأربعة المكونة للعالم المادي وهي التراب والنار والهواء والماء مضافا إليها الروح الفاعل والنفس المنفعلة ، فيكون الله بهذا قد استوى على عرش الوجود ووسع كرسيه السموات والأرض.
٥ ، ٦ ـ (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥) ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦))
[السجدة : ٥ ، ٦]
التدبير ذاتي جواني ، وهو للإنسان بالمعية ، وعند التحقيق بلا معية لأنه يكون سبحانه الظاهر والباطن ، فالتدبير إذن من الباطن إلى الظاهر ، فتكون السماء الباطن وتكون الأرض