نصفه روح ونصفه طين ، وهو يحمل هذين النصفين مظهرا الله باسمه الظاهر.
وضرب الله مثلا لكلماته التي لا تحصى البحر يمده من ورائه سبعة أبحر ، وللمثل رقيقة ، ذلك أن العالم متجدد. فعلى مستوى الكليات الثابتة فالخروج العياني الأجزائي منها دائم ، ومقولة كلية بالإضافة إلى مقولة كلية أخرى تنتج مقولة جديدة ، وهذه هي المعادلة الثلاثية لدى الفلاسفة الموحدين الألمان.
فبالديالكتيك فتح الله جيوب كلماته وأخرج الأفراخ تسعى ، وبالديالكتيك أضيفت الصفة إلى الصفة فخرجت صفة جديدة ، والعملية دينامية حيوية سمتها الفلاسفة المبدأ الحيوي والطاقة الحيوية.
٢٨ ـ (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨))
[لقمان : ٢٨]
قلنا النفس صورة إلهية ، وهي الوجه القابل للروح الفاعل ، فهي خالدة مثله ، محيطه مثله ، مولدة مثله للأجزاء ، فالأجزاء أصلها واحد ولهذا قلنا النفس الكلية ، فالموحي ، أي النفس الشريفة ، واحد ، والملهم واحد ، ولهذا تناهت الكثرة إلى الوحدة أو إلى عين الجمع ، أما الملهم ـ بفتح الهاء ـ فكثير ، وكل واحد صفة يحمل صفته ويسعى بها وعليها ، فهو لها حامل وهو عليها محمول ، فالوحدة يمثلها الباطن ، والكثرة تمثلها الظواهر.
٢٩ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٩))
[لقمان : ٢٩]
ليل الروح يلج في نهار المادة باعتبار الروح الغيب المستور والنهار الرق المنشور ، فهذا داخل في ذاك ، فلا سبيل إلى فصلهما لأنه إن لم تفعل الروح في المادة بقيت عاطلة عن العمل ولا بد للطاقة من عمل ، وأنشد ابن عربي :
فنحن لا وهو ذو ظهور |
|
فالعين منه والنعت منا |
والأجل المسمى أجل الصفة المتجسدة ، والتجسد الإنسان الظاهر بهيكله المادي ، فالإنسان الجسر بين الله والعالم ، والعالم ذو أجل متى انقضى توفي فردت الصفة إلى العين ، والله صاحب العين بكل صفة بصير.
٣٠ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠))
[لقمان : ٣٠]
العلي علي لذاته لأنه لا يوجد سواه حتى يعلو عليه ، فإذا علا الله فعلوه على النفس والنفس له ، شطر منه ومحط لتجليه ، فهي منه ، وهي به ، وهي هو عند التجلي.