يراه إلا في الصور ، لأنه سبحانه نور محض لا صورة له ، وإنما الوجود العياني صورته بل صوره المشعة عنه ، أنشد عبد الغني النابلسي :
واعلم بأنك لا ترى منه سوى |
|
ما أنت رائيه من الأشياء |
وأنشد ابن عربي :
وما تجلى لشيء من خليقته |
|
إلا ويشهد أن الحق مشهود |
من عين صورته لا من حقيقته |
|
فالأمر والشأن موجود ومفقود |
|
||
لأننا بعيون الوجه نبصره |
|
وكلنا وجهه والوجه محدود |
الدار داران دار الدار يعمرها |
|
دار اللطيف فما في الكون تجريد |
٢٣ ، ٢٥ ـ (وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥))
[لقمان : ٢٣ ، ٢٥]
المرجع رجوع الصفة إلى الاسم والاسم إلى الذات ، والذات عين الجميع حيث الهوية الأحدية الصرفة سابقة للجميع محيطه بالجميع باقية بعد الجميع ووارثة للجميع ، فأنى يؤفكون؟
٢٦ ـ (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦))
[لقمان : ٢٦]
الغنى الاستغناء ، والله غني لا حاجة له في شيء ولا إلى أحد ، وما خلق سبحانه الوجود العياني إلا ليظهر به ، والوجود قائم به كما يقوم الفقير بمال الغني ، والغنى من صفات الروح الفاعل ، فلهذا الروح العلم أولا والعمل ثانيا ، والعمل الظاهر أي الحركة من فعله وإلا فالكون موات ما لم يحركه الروح.
٢٧ ـ (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧))
[لقمان : ٢٧]
الكلمات ظواهر هذا العالم أي مظاهره ، وقال ابن عربي : المظاهر غير الظاهر ، وهو حد حده إبن عربي للعالم الذي لو لا الله ما كان ، وقال أيضا : أوضحت سرا لم يزل أهل الحق يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق ، فإن الحق لا يغفل ، والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء.
وكلمات الله لا تحصى كما النجوم ، والإنسان كلمة إلهية لأنه صورة إلهية ، فالكلمة لها وجه إلى الروح ووجه إلى الجسد ، وهذا ما مثله المسيح ، والحقيقة أن كل مخلوق كلمة ،