سورة لقمان
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ، ٩ ـ (الم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (٢) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (٣) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٦) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩))
[لقمان : ١ ، ٩]
أكثر أحاديث الناس لهو وهم عن الحقيقة غافلون .. فالناس يخوضون في الحديث عن بعضهم بعضا ، ويأكلون لحوم بعضهم بعضا ، ولا يكاد يدور حديث إلا وفيه ذكر لإنسان أو اعتراض على فعله أو انتقاد صفة فيه ، حتى المسلمون المؤمنون يغفلون عن تنبيه الله تعالى الدائم في كتابه على خطر لهو الحديث والغيبة والنميمة.
والله سبحانه خلق الإنسان ناطقا ليذكر آياته وليذكر الآخرين بها ، فإذا انشغل القلب بغير ذلك فهو في لهو ، وكل حديث لا يذكر بالله أو يحض على خلق أو ينصح للمسلمين فهو لهو ، ونسيان اللهو مرض دعوى الأنا والصفات كما ذكرنا مرارا في هذا الكتاب ، فكل إنسان له أناه وفكره أي صفته وهو مؤمن بأناه وصفته ومقتنع ، ولما كان الناس مظاهر الصفات ، والصفات لا نهاية لها ، نجم عن هذا فراق بين الإنسان والآخرين ، فيكون بين الناس من هو شبيه الإنسان الفرد ، ويكون منهم من هو نقيضه ، والنتيجة أن الإنسان يقرب شبيهه ويبعد النقيض ، ولو اقتصر الأمر على هذا لما كان فيه حرج ، ولكن ذكر الآخرين بظهر الغيب بما يكرهون فيه انتقاد لله تعالى خالق الاسم والصفة والفعل ، فهذا الذي يرى في الوجود ظاهرا هو من هبات صاحب الوجود الحق ، فكيف يعترض على خلق هو من صنع الله؟
والله وضع للناس حدودا ليفشو السّلام بينهم ، ولترفع قواعد المجتمع على أسس صالحة للحياة كحد الزنى وحد السرقة وحد القذف وحد السكر إلى آخر الحدود ، والمسلم المؤمن آخذ نفسه ومن معه بتطبيق هذه الحدود حفاظا على سلامة المجتمع ، وعليه فالحديث إما أن يكون في الله أي في ذكره ، وتعريفه والتنبيه على وجوده من خلال آياته ، أو هو النصح للآخرين وتطبيق ما يسمى شرعا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وشعاره في كتاب الله