٢٥ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥))
[الروم : ٢٥]
الخروج من الأرض بالدعوة خروج دابة الأرض لتكلم الناس ، وقد تحدثنا عن الدابة من قبل ، والمهم القول إن الإنسان مستودع ، وجسده الأرض ، والله جعل في هذا المستودع سره ، ولهذا قال عليهالسلام قلب المؤمن عرش الله.
ويخرج الإنسان من جدثه إذا حيي بماء العلم فرأى كشفا وشهودا أن جسمه لله وقلبه لله وعقله لله وهو بالله لله.
٢٦ ـ (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦))
[الروم : ٢٦]
المتأمل هذا الوجود المتفكر في آياته مدرك بداهة أن يكون الوجود كله وحدة متكاملة ، يحكمها نظام دقيق كالنظام الذي يحكم الأجرام السماوية ، وكالنظام الطبيعي الذي يسود الأرض بما في ذلك نظام النبات ونظام الحيوان ، ثم هو واحد في الختام وأن يكون من الطبيعي أيضا أن يكون الإنسان مدرجا في هذا النظام ، وأنه مثلما لا تحيد الأجرام عن أفلاكها الدائرة فيها كذلك والإنسان خاضع لنظام وجودي طبيعي دقيق يحكمه مثلما يحكم الأجرام.
٢٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧))
[الروم : ٢٧]
المثل الأعلى المعقولات الثوابت وهي صفاته الحاكمة عن طريق الخواطر ، ولهذ جاء في الآية أن هذا المثل في السموات والأرض والإشارة إلى سماء الفكر وأرض الأبدان
٢٨ ـ (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨))
[الروم : ٢٨]
المثل بليغ ، إذ لله الملك ، وهو المليك المقتدر حر يفعل ما يشاء ، فلا يجوز ولا يمكن أن يكون له شريك في الملك ، ومن أين يأتي هذا الشريك ، وكل مخلوق لا خالق ، وكيف يكون هذا الشريك وكل مخلوق محكوم بالقبضة ، يتصرف في صفات ليست له ، وقدرات ليست من خلقه ، بل وجدها عنده مصادفة لدى وعيه حياته.
٢٩ ، ٣٠ ـ (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠))
[الروم : ٢٩ ، ٣٠]