٤٤ ـ (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٤٤))
[العنكبوت : ٤٤]
قوله : (بِالْحَقِ) أي محق ، والله جعل سماء المعقولات وأرض العيان آية ، فمن شهد هذه الآية فهو مؤمن ، وتعريف الإيمان التسليم لله خالق كل شيء ومصور كل شيء.
٤٥ ـ (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (٤٥))
[العنكبوت : ٤٥]
حقيقة الصلاة إقامتها ، وإقامة الصلاة تحقيق الصلة بين الإنسان والله والوصول إلى مقام العبودة حيث الإنسان عبد ماله من الأمر شيء قائم بالله.
والفحشاء والمنكر النظر إلى غير الله في عالمه ، وإقامة الصلاة تنهى النفس عن مد العينين إلى غير الله ، فإذا تحقق هذا تحقق المحقق أن الله أكبر ، أي أكبر من كل شيء ، لأنه شيئية كل شيء وقيوميته وصيرورته ووجوده وزواله ، ولهذا كان شعار الأذان الله أكبر ، وكان ترديد هذا الشعار كثيرا في الصلاة وبخاصة عند الركوع والسجود والجلوس ، ثم التسبيح لله العظيم والتسبيح لله الأعلى ، وكل هذا إشارة إلى الجمع الدال على الذات العظمى التي انضوى تحتها الوجود بشقيه العيني والعياني.
٤٦ ـ (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٤٦))
[العنكبوت : ٤٦]
الآية من المحكمات وهي تكشف أن الدين عند الله الإسلام ، أي التسليم لله ، فإذا حقق هذا تابع أي دين كان مسلما ، بل إن الأمر ليتجاوز أتباع الأديان إلى الناس جميعا عاصيين ومهتدين ، إذ أن الله بكل شيء محيط ، وإحاطته تامة محكمة ما دام الوجود له ومن خلقه.
فالإسلام تعريفا شهود الله في الخلق والتسليم يهذا الشهود.
٤٧ ـ (وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الْكافِرُونَ (٤٧))
[العنكبوت : ٤٧]
الدين تقليدي وتحقيقي ، والتقليدي هو الذي وصفه رسول الله قائلا : يولد الإنسان على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه ، ولهذا ترى إبن اليهودي يهوديا وإبن النصراني نصرانيا ، ونادرا ما يخرج الإنسان عن دينه ليعتنق دينا آخر ، والتعصب صفة الدين التقليدي ، والحروب دائمة بين الطوائف الدينية وأتباع الأديان نفسها حتى يومنا هذا وإلى آخر الزمان ، والدين