الإنسان الكامل الذي سيتحدث عن الإنسان الكامل نفسه وما له من مكانة عند الله كما قال سبحانه : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥)) [القمر : ٥٥] ، فالآخرة ما ينتهي إليه أمر الدنيا بعد إسقاط المظاهر وكشف الظاهر فإذا ثمت ليس إلا الله.
٢١ ، ٢٢ ـ (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (٢١) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٢٢))
[العنكبوت : ٢١ ، ٢٢]
هذه الآية وأمثالها اعتمدتها الأشاعرة أهل السنة وعلى رأسهم الإمام الغزالي الذي رد على المعتزلة الذين أوجبوا على الله أشياء مثل تحقيق الوعد والوعيد ، فقال الإمام : لا يتوجب على الله شيء ، وهو لا يبالي إن غفر لجميع الكافرين وعاقب جميع المؤمنين ، فالملك ملك الله ، والملك حر يفعل ما يشاء.
٢٣ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٣))
[العنكبوت : ٢٣]
في الآية ربط بين الكفر بآيات الله واليأس من الرحمة ، ذلك أن الكافر محجوب فهو بالتالي وحيد لا يعتمد إلا نفسه وقواه وفكره وتدبيره ، وهو بالتالي يائس من رحمة الله ، وكيف لا ييأس من رحمة الله من لا يؤمن بوجوده أصلا ، قال الإمام النفري مخاطبا المؤمن المتقي الموحد : كيف تيأس مني وفيك متحدثي وسفيري.
٢٤ ، ٢٥ ـ (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٤) وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٥))
[العنكبوت : ٢٤ ، ٢٥]
النار إشارة إلى نار الطبائع والصراع ، فقوم إبراهيم هم أصحاب النار ووقود جهنم ولا يعلمون ، قال الضحاك ، إن للكافر حفرة في النار يكون فيها ولا يعلم.
والنار أيضا تكفير الكافرين بعضهم بعضا لتمسك كل منهم بفكره وكفره بفكر الآخرين ومحاولته فرض هيمنته عليهم ، والنتيجة حرب شعواء تدور رحاها بين الكفار أنفسهم فيلعن بعضهم بعضا ، ويسفه بعضهم بعضا.
٢٦ ، ٢٧ ـ (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧))
[العنكبوت : ٢٦ ، ٢٧]