الإنسان ما لم يعلم.
والرسل عامة ما تعلموا على أحد ، وكان أكثرهم أميين رعاة فقراء ، ومع هذا فعندما تمت كلمة الله تعلم هؤلاء الأنبياء علوما ما تزال موضع الاحترام ومثار الدهشة حتى يومنا هذا.
٨٢ ، ٨٣ ـ (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٨٢) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣))
[القصص : ٨٢ ، ٨٣]
الإشارة إلى الموت الطبيعي ، وهو عودة من جبل من التراب إلى التراب ، يعود جاهلا مثل صبي علما أنه قد يكون من قبل خرفه فيلسوفا عظيما كما حدث لكانط ، فمآل الفكر المادي إلى التراب ، وما هذا الشعاع الذي أنار ميدان الفكر إلا الشعاع الإلهي الذي بفضله استوى الإنسان على عرش الوجود المادي ، فإذا استرد الله عاريته فني الإنسان وعاد وكأنه ما كان وهذا ما أشارت إليه الآية بالخسف.
٨٤ ، ٨٧ ـ (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٨٤) إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨٥) وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ (٨٦) وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧))
[القصص : ٨٤ ، ٨٧]
الحسنة الإحسان ، وهي كما قلنا الاعتراف لله بالفضل ، فمن انخلع عن نفسه رد الله عليه نفسه ومعها علم الإشراق العظيم الذي سمي في الآية الخير.
أما السيئة فهي البقاء خلف حجاب الأنا ، والجزاء السجن الفكري نفسه ، إذ الإنسان سجين فكره ، ولا تستطيع قوة في الأرض أن تخرجه من فكره ، حتى المجنون مؤمن بأنه أعقل العقلاء.
٨٨ ـ (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨))
[القصص : ٨٨]
قوله سبحانه : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) يعني صلة النفوس الجزئية بالنفس الكلية المشتقة من الروح أو العقل الأول الصادر بدوره عن الحق ، والاشتقاق والترابط دائمان ، إذ لا فرق على الحقيقة بين الباطن والظاهر ، ولهذا سمى سبحانه نفسه الظاهر والباطن ، وعلى هذا فالناس كما قدمنا هم الميتون الأحياء ، وما من حي حقيقي سوى الحي بذاته.