أصحاب أعمالهم ، ولهذا ختمت الآية بالقول (فَهُمْ يَعْمَهُونَ) أي يتحيرون في ما هم فيه.
٥ ـ (أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٥))
[النمل : ٥]
المعرفة الحقيقية المعرفة اللدنية ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (سألني ربي فلم أستطع أن أجيبه فوضع يده بين كتفي بلا تكييف ولا تجريد فوجدت بردها فأورثني علم الأولين والآخرين وعلمني علوما شتى ، فعلم أخذ علي كتمانه إذ علم أنه لا يقدر على حمله أحد سواي ، وعلم خيرني فيه ، وعلم أمرني بتبليغه) ، وقال أيضا : (إذا أراد الله بعبد خيرا فتح له قفل قلبه). فما لم يفتح الله للإنسان سر قلبه فلن يصل إلى المعرفة الحقيقية وما كل المحاولات التي يقوم بها الإنسان للوصول إلى الحقيقة ومعرفتها سوى أساليب قاصرة ، لأنه ليس بتتبع قانون السببية يتم كشف سر الوجود.
٦ ـ (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦))
[النمل : ٦]
وصف سبحانه نفسه بأنه حكيم عليم باعتبار الحكمة والعلم أساسا الوجود الحسي المادي ، فالمطلوب التوجه إلى العالم الجواني بعد الفراغ من دراسة العالم البراني لتحصيل العلم المأمول واكتشافه ، وإلا لظل العلماء في دراساتهم يعمهون.
٧ ، ٩ ـ (إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨) يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩))
[النمل : ٧ ، ٩]
أهل موسى بمثابة نفسه ونفسه حواء ، والنار التي رآها هي نور الهداية ، والنور دعوة الحق للإنسان للدخول في الرحمة والدخول في الصالحين ، والمدخل علمي به يضاء القلب بعد أن عانى من الحيرة والضياع في متاهات الحياة.
والنداء نداء الحق للعبد ، وهو نداء باطني ، ولهذا ألححنا في هذا الكتاب على وجود الذات الإلهية في القلب بالمعية والنجوى ، فالله أقرب إلينا من حبل الوريد.
والنار التي ورد ذكرها ثانية النار التي يكون فيها الناس جميعا كما قال سبحانه : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) [مريم : ٧١] ، وهي نار الصراع والتضاد ، والبركة الممنوحة تحول كل صراع وتضاد إلى سلام كما حدث لإبراهيم ، فالأولياء في الجنان منعمون وإن ظلوا يشاركون البشر الحياة في الأرض.
ومعنى سبحان الله تنزيهه ، والإشارة إلى أخذ السالك عن نفسه أولا ، ثم أخذ نفسه ثانيا لأنه يتبين عند الكشف أن الأنا المتعينة جزء من الأنا الخالصة وأن الجميع هما الله ، ولهذا