سورة النمل
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ـ (طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ (١))
[النمل : ١]
الطاء إشارة إلى طاووس الصفات الإلهية التي شعت فتكون منها هذا الوجود الحي ، والسين سر هذه الصفات المكنونات التي تبدو منفعلة عن المحسوسات بتجريدها منها ، ولكنها في الحقيقة فاعلة ، ولهذا كانت هذه الصفات هي آيات القرآن ما دام القرآن الكتاب الجامع.
٢ ـ (هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢))
[النمل : ٢]
من عرف سر الصفات اهتدى ، وكانت معرفته بشرى له ، فعندما نزلت الآية : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) [يونس : ٦٤] وفسرها صلىاللهعليهوسلم بأنها الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ، كان معنى هذا أن المسلم ذا الرؤيا الصالحة هو العالم العارف الذي عرف المدخل والمقر والمخرج ومن هو وما مكانته ودوره في هذا الوجود ، وثمة لطيفة بين ورود البشرى والسر الذي أوردناه في الآية السابقة ، لأنه متى عرف الإنسان فتح له طريق معرفة الصفات ، وما الصفات إلا حقائق هذه الصور الظاهرة فصار الوجود كله قرآنا وكتابا مبينا.
٣ ـ (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣))
[النمل : ٣]
بعد معرفة السر وبدء تشرب العلم اللدني تقام الصلاة الحقيقة بين العبد والرب وبين الرب والعبد ، وقال صلىاللهعليهوسلم : المصلون كثير والمقيمون قليل ، فإقامة الصلاة التحقق بسرها وهو الصلة الخفية التي متى أقامها المصلي ارتفع الحجاب بين العبد والرب ففني العبد وبقي الرب ، ولهذا لما سئل البسطامي عن اسم الله الأعظم قال : لا إله إلا الله ، ولا تكون أنت هناك ، وقال أرسلان الدمشقي في هذا الكشف : يتبين لك أنك هو بلا أنت معه ، وقال جلال الدين الرومي : ما كل هذا الخراب إلا بسبب هذه التثنية.
٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤))
[النمل : ٤]
الآخرة انكشاف الأمر ، وما دام كشفه قد أخر حتى تتم مرحلة تجريد المحسوسات المعقولات فلقد سميت الآخرة آخرة لكونها الختام بل مسك الختام ، أما الذين لا يؤمنون بأن وراء هذه الظواهر سر هو سر الآخرة فهؤلاء زين الله لهم أعمالهم وذلك باعتقادهم أنهم هم