فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ (١٧٧))
[الأعراف : ١٧٦ ، ١٧٧]
قوله : (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها) يعني أن يكون خاطر الوسوسة سببا للانتباه واليقظة من نوم الغفلة ، ولقد سبق أن فصلنا القول في دور النفس الدنية وتحريكها للقلب ، كما تحدثنا عن دور الخطيئة وارتكاب الإنسان إياها ، وإن هذه الظلمة هي التي تجعل القلب يبحث عن النور. كما بينا أن الندم وتبكيت الضمير ثم التوبة واقعون تحت الوجوب ، ذلك إخراجا لمقتضى ما جاء في الحديث عن القبضتين أهل الجنة وأهل النار.
ومثل الكلب إشارة إلى دور النفس الحيوانية مع قوتيها الشهوة والغضب في مجال حجب القلب بالظلمات ، والملاحظ أن الكلب يلهث سواء أكان مرتاحا أم متعبا ، وذلك لأنه ليس لجلده مسام ، فهو يستعيض بلسانه عن دور المسام للتنفس ... والإشارة إلى أن أصحاب النفس الترابية لا يتعظون سواء وعظوا أم لم يوعظوا ... بل إن من هؤلاء الساخرين الذين إذا سمعوا الوعظ هزئوا بالواعظ والمتعظ ، وذلك لفقدان قابليتهم لنور الوعظ.
١٧٨ ـ (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٧٨))
[الأعراف : ١٧٨]
الآية من المحكمات اللواتي يشهدن أن الهدى والضلال من فعل الحق سبحانه ، فهو الهادي المضل ، وذلك عن طريق تقليب القلب بين الظلمة والنور ، أنشد الحلاج :
ولا معز بلا شخص يعززه |
|
ولا مذل بلا قوم أذلاء |
١٧٩ ـ (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٧٩))
[الأعراف : ١٧٩]
وصف أصحاب جهنم وقد امتازوا بأن لهم حواسا كالبصر والسمع والقلب ، ولكن هذه الحواس غير ذات فائدة وذلك لبقاء البصيرة عمياء ، والبصيرة لا البصر هي الأصل في النظر ، إن الإنسان بصيرة وما بصره إلا أداة ، وكم من منظر يثير الشفقة في القلب ، أو الرحمة أو العظة ، ومع هذا فالناس إزاءه إما متعظون أو غافلون.
١٨٠ ـ (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠))
[الأعراف : ١٨٠]
أسماؤه سبحانه الدائرة الوجودية الرحمانية التي عن طريقها يتم تكثير الذات غير الصرفة ،