ويزلزلها ، حتى ليحسب المكاشف أن مسا أصابه ، وأنه قد هلك.
وقوله : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) تذكير بأن اليقين ، وإن بدا صوته قويا كصلصلة الجرس ، إلا أنه بحد ذاته نور للمكاشف وبصيرة ومدد وتأييد وتثبيت.
١٧٢ ، ١٧٤ ـ (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٧٤))
[الأعراف : ١٧٢ ، ١٧٤]
ظهور أصل ما ظهر ، وما ظهر العيان والأصل العين ، فالظهور العيون الأسمائية المشعة عن الله عن طريق العقل الأول المتكثر.
وقوله : (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) إشارة إلى أن العيون الأسمائية هي الله نفسه ولكن من ناحية المألوهية والمربوبية. وما دام الإشعاع دائما والصدور مستمرا فإن الشهود الحقاني هذا دائم أيضا. وفي الأمر لطيفة ، فإنصات الأنا لخاطره ، واتباع هذا الخاطر ، هو ما معناه شهود الرب الحاكم الفرد القاهر فوق عباده. فالشهود لا يراه إلا أصحاب المشاهدة والمشاهدة أعلى درجة من درجات النبوة حيث لا يعود المشاهد يرى من الناس أحدا ، ولا يرى إلا الله.
وقوله : (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ) يعني أن الناس في غفلة عن هذه الحقيقة الوجودية الباطنية الروحية الجامعة ، وأن يوم القيامة هو موعد كشف الحجاب. ولما كان للصوفية المحققين قيامتهم الصغرى وساعتهم الصغرى ، والتي هي كما قال عبد الكريم الجيلي : عين القيامة الكبرى والساعة الكبرى فإن أصحاب الشهود يرون بالنيابة عن الكثرة الغافلة هذا المنظر الجبروتي الفاعل الجامع إلى أن تقوم القيامة الكبرى.
١٧٥ ـ (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (١٧٥))
[الأعراف : ١٧٥]
إتيان الأدلة سماع صوت ضمير في القلب ، والانصراف عن هذا الهدى الإلهي المنير .. والنتيجة أنه لا يبقى للقلب إلا خاطر الوسوسة فالقلب إما إلى الهدى ، أو إلى الظلمات ، ولهذا سمي قلبا ، أي من تقلبه.
١٧٦ ، ١٧٧ ـ (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا