ثمّ العِلْمُ ، فكم من قول قد قاله عمر : لولا عليٌّ لهلك عمر(١).
ثمّ المشورة في كلّ أمر جرى بينهم حتّى يجيبهم بالمخرج.
ثمّ القضاء ، لم يتقدّم إليه أحدٌ قطّ فقال له : «عد غداً أو دفعه ، إنّما يفصل القضاء مكانه» ، ثمّ لو جاءه بعد لم يكن إلاّ ما بدر منه أوّلاً.
ثمّ الشّجاعة ، كان منها على أمر لم يسبقه الأوّلون ، ولم يدركه الآخرون من النجدة والبأس ، ومباركة الأخماس على أمر لم يرمثله ، لم يولّ دبراً قطّ ، ولم يبرز إليه أحدٌ قطُّ إلاّ قتله ، ولم يكعَّ(٢) عن أحد قطٌّ دعاه إلى مبارزته ، ولم يضرب أحداً قطّ في الطول إلاّ قدّه ، ولم يضربه في العرض إلاّ قطعه بنصفين ، وذكروا أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) حمله على فرش ، فقال : «بأبي أنت وأُمّي ، أناما لي وللخيل ، أنا لا أتّبع أحداً ولا أفرّ من أحد ، وإذا ارتديت سيفي لم أضعه إلاّ للّذي أرتدي له»(٣).
ثمّ ترك الفرح وترك المرح ، أتت البشرى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) تترى بقتل من قتل يوم أحد من أصحاب الألوية ، فلم يفرح ولم يختل ، وقد اختال أبودجانة ومشى بين الصفّين مختالاً ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «إنّها لمشية يبغضها الله إلاّ في هذا الموضع»(٤).
__________________
(١) الكافي ٧ / ٤٢٤ / ح٦ ، دعائم الإسلام ١ / ٨٦ ، الفقيه ٤ / ٣٦ / ح٥٠٢٥ ، خصائص الأئمّة : ٨٥ ، تهذيب الأحكام ٦ / ٣٠٦ / ح٨٤٩ ، تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة : ١٥٢ ، نظم درر السمطين : ١٣٠ ، مناقب الخوارزمي : ٨١.
(٢) كعّ يكعّ : إذا تلكّأ وجبن. العين ١ / ٦٦ ، معجم مقاييس اللّغة ٥ / ١٢٩ (كع).
(٣) البحار ٤٠ / ١٠٤.
(٤) الكافي ٥ / ٨ / ح١٣ ، تحف العقول : ٣٤٤ ، النوادر للراوندي : ١٣٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٤ / ٢٥٨ ، مجمع البيان ٢ / ٤٠٤ ، تفسير الثعلبي ٣ : ١٧٥ ، الثقات لابن حبّان ١ / ٢٢٥ ، أُسد الغابة ٥ / ١٨٤ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٩٥ ، تاريخ الإسلام ٢ / ١٧١.