ثمّ البلاغة ، قام(١) النّاس إليه حيث نزل من المنبر ، فقالوا : ما سمعنا يا أميرالمؤمنين أحداً قطّ أبلغ منك ولا أفصح! فتبسّم ، وقال : «وما يمنعني ، وأنا مولدٌ مكيٌّ» ولم يزدهم على هاتين الكلمتين(٢).
ثمّ الخطب ، فهل سمع السامعون من الأوّلين والآخرين بمثل خطبه وكلامه؟ وزعم أهل الدّواوين : لولا كلام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وخطبه وبلاغته في منطقه ؛ ما أحسن أحدٌ أن يكتب إلى أمير جند ولا إلى رعيّة(٣).
ثمّ الرئاسة ، فجميع من قاتله ونابذه على الجهالة والعمى والضلالة ، فقالوا : نطلب دم عثمان ، ولم يكن في أنفسهم ولا قدروا من قلوبهم أن يدّعوارئاسة معه ، وقال هو : «أنا أدعوكم إلى الله وإلى رسوله بالعمل بما أقررتملله ولرسوله من فرض الطاعة» ، وإجابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الإقرار بالكتاب والسنّة.
ثمّ الحلم ، قالت له صفية بنت عبدالله بن خلف الخزاعيّ : أيّم (٤) الله نساءك منك كما أيّمت نساءنا ، وأيتم الله بنيك منك كما أيتمت أبناءنا من آبائهم ، فوثب النّاس عليها ، فقال : «كفّوا عن المرأة» فكفّوا عنها ، فقالت لأهلها : ويلكم! الذين قالوا هذا سمعوا كلامه قطُّ عجباً من حلمه عنها(٥).
__________________
(١) في المطبوع : مال ، وما أثبتّه من «ح ، س ، م» ، والبحار.
(٢) البحار ٤٠ / ١٠١.
(٣) البحار ٤٠ / ١٠١.
(٤) الأيامى : الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء. الصحاح ٥ / ١٨٦٨ (أيم).
(٥) دعائم الاسلام ١ / ٣٩٤ ، الخرائج ٢ / ٧٤٩ / ح٦٦ ، مناقب ابن شهرآشوب ٢ / ٩٨ ، الروضة في فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام : ١٦٥ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٥ / ١٠٥ ، تفسير فرات الكوفي : ١١١ ، الفتوح ٢ / ٤٨٣ ، الفتنة ووقعة الجمل : ١٧٩ ، تاريخ الطبري ٣ / ٥٤٣.