كان مقيّداً بمراعاة
التقية دائماً سواء في نشاطاته العلمية والاجتماعية التي حصل أكثرها عن طريق
انعقاد مجالس البحث والمناظرة أو في كتابة رسائله ومؤلّفاته.
وبالرغم من أنّ الشيخ المفيد لم يقصّر
في تبيين الحقائق أبداً ـ حيث طرح أُصول عقائد الشيعة بأحسن وجه بعد أن كانت مبهمة
وغير واضحة آنذاك عند الناس وخاصّة في بغداد ـ ولكن تبيين هذه العقائد لم يكن
بطريقة يستطيع من خلالها المخالفون أن يتّخذونها ذريعةً لهم في النيل من عقائد
الشيعة.
ومن هنا فقد كانوا ينتهزون الفرصة لضرب
الشيعة في بغداد المضطربة آنذاك وهو عهدٌ كان يعدّ الفرح فيه بيوم عيد الغدير ـ
وهو أكبر عيد عند الشيعة ـ ذنباً لا يغتفر ، وكانوا يعدّون البكاء وإقامة مراسم
العزاء على سيّد الشهداء وأهل بيته الأطهار بدعةً
، وهو زمن كانوا يتذرّعون فيه بأوهى الحجج للهجوم على الشيعة.
في حين نجد أنّ الشيخ المفيد وهو أكبر
مدافع للشيعة آنذاك لم يكن ليتحرز عن تبيين أي حقيقة في الدفاع عن الإمامة في
الوقت الذي لم يعط أي عذر في أيدي المخالفين ، إنّ هذا الأمر لا يمكن تحقّقه إلاّ
بالتدبير الفائق الذي كان يتخذه الشيخ ، حيث كان مسلّحاً بسلاح التقية وحاذقاً في
انتخاب الزمان والمكان الذي يدلي فيه برأيه.
__________________