الصحابة ، وما مسائل ابن الأزرق عند الكعبة وغيرها ، وحوار ومناظرات الأئمّة عليهمالسلام مع أئمّة المذاهب الأخرى واختيارهم لأصحابهم للحوار والمناظرات وتوصياتهم لهم بأدب الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن خير شاهد على ذلك.
وبالرغم من أنّ تلك المناظرات كان أكثرها يمتاز بطابع الاحتجاج ومنازعة الخصم ؛ إلاّ أنّها كانت تحمل بين طيّاتها معان عظيمة من احترام الرأي والرأي الآخر ، وحراك الآراء وعقلنة الصراعات ، وأنّ المذهب لم يكن في يوم من الأيّام سبباً في تفريق الأمّة ولا مانعاً من توحيد الكلمة ، بل كان نوعاً من الحراك الفكري الذي ساهم في بناء عمرانها الثقافي والاجتماعي ، وكامن من كوامنها الحيوية.
وأمّا الاستنباط فلم يكن إلاّ نوعاً من أنواع ذلك الحراك الذي أثرى الأمّة ، وجعل المسلمين يمارسون أعظم أنواع الحوار ، والاستماع إلى الرأي الآخر واحترامه ، ونوعاً من أنواع البحث عن الحقيقة ، فالتعددية الفكرية والمذهبية في مجتمعاتنا ليست عبئاً يجب التخلّص منه ، وإنّما هي حقيقة تاريخية ينبغي التعامل معها بحكمة ؛ ليتسنّى لنا أن نجني ثمارها ، وهي ذات جذور تاريخيّة مشرقة في مجتمعاتنا ، فقد ألّف العديد من علماء المسلمين كتباً ورسائل تبيّن أدب الحوار والمجادلة وأسسهما وقواعدهما ومقوّماتهما.
فلنرقى بأدب الحوار إلى ما كان عليه السلف الصّالح ، ولنسمو عسى أن نجد في كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة فصل الخطاب.