الأرواح ، فمفارقة(١) الرُّوح أمرٌ معنويٌّ ، وإدراك أمثال هذا الأمر المعقول في فرط الدّقة ، ولم يمكن نيله إلاّ بتسخير الوهم القاصر بتصفية الباطن ، وتقوية العاقل الفطن بكثرة مواظبة الريّاضات الشرعيّة وملازمة المعقولات البرهانيّة.
حقيقة النَّعيم(٢) والثواب :
الرّوح باقية بعد المفارقة بالاتّفاق(٣) ، فهي إن كانت حين التعلّق في دار الدّنيا تعرف حقيقة المبدأ والمعاد بقدر الاستعداد(٤) ، وتعمل الصالحات ، وتفعل المرضيّات(٥) ، وتخلّص من لذّة الجسمانيّات ، وتتزيّن بالبراهين(٦) بزينة العلوم والكمالات ؛ كانت بعد المفارقة والعود إلى عالم المجرّدات في جنّة السعادات ، كما تكون بعد العود إلى التعلّق في الجنّة(٧) الموعودة للتنعمات ، فإنّها حينئذ تشتغل بالذّات وتعلّقها متّصفة بالمعارف والكمالات فيبدّل لها علم اليقين(٨) بنور اليقين ، فترى حضرة المبدأ
__________________
(١) في «ث» ففارقه ، وما اثبتناه من «م» و «ك».
(٢) في «م» و «ث» : الجنّة ، والمعنى واحد.
(٣) اُنظر في ذلك : شوارق الإلهام ٢ / ١١٠ ، و ١٠٨ ، شرح تجريد العقائد : ٢٠٣ ، أُصول الدين للبغدادي : ٢٣٥ ، أوائل المقالات : ١٧٨.
(٤) في «ث» : الاستعدات ، وما أثبتناه من «م» و «ك».
(٥) في «ث» : المرضيا ، وما أثبتناه من «م» و «ك».
(٦) في «م» لم ترد.
(٧) الجَنّة : دار النعيم لا يلحق من دَخَلها نصب ، ولا يلحقهم فيها لغوب ، وجعلها الله سبحانه داراً لمن عرفه وعبده ، ونعيمها دائم لا انقطاع له. تصحيح الاعتقاد : ٩٥.
(٨) اليقين : العلم الظّاهر الجلي بعد حصول اللّبس في معلومه الأوّلي الّذي لا يفتقر إلى تقديم تصوّر أو تصديق أُخر.
اُنظر : الحدود والحقائق للمرتضى : ١٨١ ، تلخيص المحصّل : ١٢ ، إرشاد