ولِنعلم :
إنّه لمّا ثبت أنّ العالم محدث(١) ، فيجُوِّز العقلُ أن يكون قبل(٢) هذين العالمَين وبعدهما عوالم كثيرة متعاقبة ، وكذا الملائكة السماويّة والأرضيّة سوى ما أثبته الحكماء ، وعدا ما أدركه العقلاء فيهما ، وفيما قبلهما وفيما بعدهما ، قال الله تبارك وتعالى : (أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِر عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ) (٣) ، كما أخبر به الصادق عليهالسلام في رواية جابر(٤) ، قال سألت أبا جعفر عليهالسلام ، عن قول الله عزّ وجلّ (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْس مِنْ خَلْق جَدِيد) (٥)؟ قال : «يا جابر : تأويل ذلك إنّ الله عزّ وجلّ(٦) إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم ، وأسكن أهل الجنّة الجنّة ، وأهل النّار النّار ، جدّد عالماً غير هذا العالم ، وجدّد خلقاً من غير فحولة ولا أناث ، يعبدونه ويوحّدونه ، وخلق لهم أرضاً غير هذه الأرض ، وسماءً غير هذه السماء تظلّهم ، لعلّك ترى أنّ الله إنّما خلق هذا العالم الواحد ، وترى أنّ الله لم يخلق بشراً غيركم ، بلى والله لقد خلق الله ألف عالم ، وألف ألف آدم أنت في أواخر تلك العوالم ،
__________________
(١) اُنظر : التمهيد للباقلاّني : ٤٤ ، الشامل في أُصول الدين ١ / ٣٤ ، لباب العقول : ٦١ ، نهاية الإقدام في علم الكلام : ٥ ، الأربعين في أُصول الدين : ٣ ، اللّوامع الإلهيّة في المباحث الكلاميّة : ٦٤ ، قواعد المرام : ٥١ ، ٥٧ ، التوحيد للماتريدي : ١٧ ، أُصول الديّن للبزدويّ : ١٤ ، أعلام النبوّة للرازي : ٢٠ ، الإنصاف : ٤٣.
(٢) في «ث» لم ترد.
(٣) سورة يس ٣٦ / ٨١ ، ولم ترد في «م».
(٤) في «م» : روى جابر ، وما أثبتناه من «ث» و «ك».
(٥) سورة ق ٥٠ / ١٥.
(٦) في «ث» : تعالى.