لأنّ الله تعالى لا يشار إليه بحسّهم فوجب بعث الرسل والأنبياء ونصب الأئمّة(١) والأوصياء ؛ لتقريبهم إلى المصلحة وتبعيدهم عن المفسدة.
الركن الثاني :
إنّ النّبيّ واجب أن يكون أفضل ما عداه ، ذا وقع في القلوب ؛ للوثوق وإطاعة القلوب ، وداعياً إلى الطاعة ، وزاجراً عن المعصية ؛ لحصول المطلوب ، ومنزّهاً عن ذمايم(٢) الخَلْق والخُلْق ، والحِرفةُ(٣) ؛ للوقع في القلوب ، ومعصوماً من أوّل عمره إلى آخره من الإخلال بالواجبات وإيقاع الذنوب ، وإلاّ يلزم التناقض (في الحرمة والوجوب) (٤).
فإنّ العصمة : هي أن يمتنع وقوع القبيح ، والإخلال بالواجب بعيداً عن الاضطرار قريباً من الإختيار ، فهي اللّطف من الواجب وعدمها يناقض غرض الناصب ، وأيضاً الخطأ من الحرام ، ومتابعته فيه واجب على
__________________
(١) يندرج تحت: الأفضليّة الأزهريّة، والأورعيّة، والأشجعيّة، والأعلميّة، والأكرميّة (منه قدسسره).
(٢) ذمايم : جمع ذمام أو ذيمه ، ذمَّهُ يَذُمَّهُ ذمّاً ومَذمَّةً ، فهو مَذموم وذمٌّ نقيض المدح ، وهو اللّوم في الإساءة ، والذَّمُّ والمذموم واحد. والمَذَمَّة : الملامة. اُنظر لسان العرب ١٢ / ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، مادّة «ذمم».
بأن يكون خلقته سويّة منزّهة عن الأمراض التي ينفر عنها الطباع ، كالفظاظة ، والغلظة ، والآبنة ، والبرص ، والجذام (منه قدسسره).
وذمايم الخَلق ـ بفتح الخاء ـ ما مرّ. وذمايم الخُلق ـ بضم الخاء : بأن تكون ذاته متّصفة بصفات الكمال ، كالعلم بالكلّيّات والجزئيّات ، وكمال العقل والذكاء ، والفطنة ، وقوّة الرأي ومقدّسة مبرّأة من الأُمور الخسيسة ؛ كالسهو ودناءة الآباء وعهر الأُمّهات وغيرها (منه قدسسره).
(٣) الحِرفةُ : جمع المُحارف ، وهو الذي يحترف بيدَيه ، فهو اسم من الاحتِرافِ وهو الاكتساب ، يقال : هو يحرف لعياله ويحترف ويَقرِشُ ويَقْتَرِشُ بمعنى : يكتسب من هنا وهنا. لسان العرب ٩ / ٤٣٠ مادّة «حرف».
(٤) ما بين القوسين لم يرد في «م» و «ك» ، وما أثبتناه من «ث».