وعن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [وكّل بعبده ملكين يكتبان عليه ، فإذا مات العبد قالا : يا رب قد قبضت عبدك ؛ أفتأذن لنا أن نصعد إلى السّماء؟ فيقول الله تعالى : سمائي مملوءة من ملائكتي يسبحون ، فيقولان : أنقيم في أرضك؟ فيقول : إنّ أرضي مملوءة من خلقي يعبدونني ، فيقولان : أين نذهب؟ فيقول : قوما على قبر عبدي وهلّلاني وكبراني واكتبا ذلك لعبدي إلى يوم القيامة](١).
قوله تعالى : (قعيد) أي رصيد حافظ حاضر ملازم لا يبرح. قوله تعالى : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (١٨) ؛ أي حافظ حاضر (عتيد) أي معتدّ له.
قوله تعالى : (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ؛) أي جاءت غمرات الموت وأهواله وشدّتها التي تغشى الإنسان وتغلب على عقله ، (بالحقّ) أي بما يصير إليه من أمر الآخرة من شقاوة أو سعادة تحقّق عليه عند الموت. ويقال له : (ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) (١٩) ؛ أي تميل وتهرب وتكره ، قد أيقنت أنه الآن ، يقال : حاد عن الشيء يحيد عنه حيدا ؛ إذا مال وزاغ ونكص ، وقرأ أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه (وجاءت سكرة الحقّ بالموت) (٢).
قوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) (٢٠) ؛ يريد نفخة البعث ، يكون يوم القيامة وهو يوم يتحقّق فيه الوعيد ، وهو اليوم الموعود للأوّلين والآخرين يجتمعون فيه. وقيل : معناه : ذلك الذي وعد الله الكفار أن يعذّبهم فيه.
قوله تعالى : (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) (٢١) ؛ أي سائق يسوقها إلى المحشر ، وشاهد يشهد عليها بما عملت ، قال الكلبيّ : (السّائق هو الّذي يكتب السّيّئات ، والشّهيد هو الّذي يكتب الحسنات) ، والمراد بالنّفس ههنا نفس
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٥٩٧ ؛ قال السيوطي : (أخرجه أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان) وذكره.
(٢) في إعراب القرآن : ج ٤ ص ١٥٠ ؛ قال النحاس : (وصحّ عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه) وذكره. وقال : (وكذا عن عبد الله بن مسعود رحمهالله قال : هذه قراءة على التفسير).