الإنسان. وقال الحسن : (الوريد : الوتين ؛ وهو عرق معلّق به القلب ، والله تعالى أقرب إلى المرء من قلبه) (١).
ومعنى الآية : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ) أي أعلم به وأقدر عليه من بعضه ، وإن كان بعضه له حجاب فلا يحجبنا شيء ؛ أي لا يحجب علمنا عنه شيء.
ثم ذكر أنه مع علمه وكّل به ملكين يكتبان ويحفظان عليه عمله إلزاما للحجّة ، فقال : (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (١٧) ؛ قال مقاتل : (هما ملكان يتلقّيان عمل ابن آدم ومنطقه) (٢) أي يأخذان ذلك ويثبتانه في صحائفهما ، أحدهما عن يمين يكتب الحسنات ، والثاني عن شمال يكتب السيّئات ، فذلك قوله (وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) ولم يقل قعيدان ؛ لأنه أراد عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد ، فاكتفى من أحدهما عن الأخرى ، كقول الشّاعر (٣) :
نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرّأي مختلف |
أي نحن بما عندنا راضون. والقعيد مثل قاعد كالسّميع والعليم والقدير ، وقال أهل الكوفة : أراد قعودا.
روي : [أنّ الله تعالى وكّل بالإنسان ملكين باللّيل ، وملكين بالنّهار يحفظان عمله ، أحدهما يكتب الحسنات ، والثّاني يكتب السّيّئات ، فإذا تكلّم العبد بحسنة كتبها الّذي على اليمين عشرا ، وإذا تكلّم بسيّئة قال صاحب اليمين للآخر : أنظره ، فنظره ستّ ساعات أو سبع ساعات ، فإن تاب واستغفر لم يكتبها ، وإن لم يتب كتب عليه سيّئة واحدة] هكذا قال صلىاللهعليهوسلم (٤).
__________________
(١) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٧ ص ٩.
(٢) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٢٧٠.
(٣) قيس بن الخطيم الأوسي (؟؟ ـ ٢ ق. ه).
(٤) في الدر المنثور : ج ٧ ص ٥٩٥ ؛ قال السيوطي : (أخرجه الطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي أمامة) وذكره. وفي مجمع الزوائد : كتاب التوبة : ج ١٠ ص ٢٠٨ ؛ قال الهيثمي :
(رواه الطبراني وفيه جعفر بن الزبير وهو كذاب).