أَحَدٌ) (٢٦) ؛ قراءة العامّة بكسر الذال ، و (يوثق) بكسر الثاء ، معناه : لا يعذّب كعذاب الله أحد ، ولا يوثق كوثاقه أحد.
وقرأ الكسائي ويعقوب بفتح الذال والثاء ، ومعناه : لا يعذب عذاب الكفار الذي لم يقدّموا لحياتهم أحد ، ولا يوثق مثل وثاقه أحد. قيل : إن هذا الإنسان المعذّب أمية بن خلف الجمحيّ.
قوله تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) (٢٧) ، المراد بها نفس المؤمن ، يقول لها الملائكة عند قبضها ، وإذا أعطيت كتابها بيمينها التي أيقنت بأنّ الله ربّها ، وعرفت توحيدها خالقها فاطمأنّت بالإيمان وعملت للآخرة ، وصدّقت بثواب الله ، (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي) (٣٠) ؛ ارجعي إلى ما أعدّ الله لك من نعيم الجنة ، راضية عن الله بالثواب ، مرضيّة عنده بالإيمان والعمل الصالح ، فادخلي في جملة عبادي الصالحين ، وادخلي جنّتي التي أعدّت لك.
وقال مجاهد : «معناه : يا أيّتها النّفس المنيبة الّتي أيقنت أنّ الله خالقها ، المطمئنّة إلى ما وعد الله ، المصدّقة بما قال ، الرّاضية بقضاء الله الّذي قد علمت بأنّ ما أصابها لم يكن ليخطئها ، وما أخطأها لم يكن ليصيبها) (١). وقيل : معناه : المطمئنّة بذكر الله المتوكّلة على الله ، الواثقة بما ضمن لها من الرّزق.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : [إذا توفّي العبد المؤمن أرسل الله ملكين معهما تحفة من الجنّة ، فيقال لنفسه : أيّتها النّفس المطمئنّة ، أخرجي إلى روح وريحان ، وربّ عنك راض. فتخرج كأطيب ريح المسك. فتشيّعها الملائكة في السّماء ، فيقولون : قد جاء من الأرض روح طيّبة ، فلا تمرّ بباب إلّا فتح لها ، ولا بملك إلّا صلّى عليها ، وتقول الملائكة : ربّنا هذا عبدك فلان ، كان يعبدك ولا يشرك بك شيئا. فيقول الله : يا ميكائيل اذهب بهذه النّفس ، فاجعلها مع أنفس المؤمنين حتّى أسألك عنها يوم القيامة.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الآثار (٢٨٨٣٣).