قوله تعالى : (وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) (١٨) ؛ أي لا يحثّون الناس على الصّدقة على المساكين ، قال عمران بن الحصين : [ما قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطيبا إلّا وحثّ على الصّدقة ونهى عن المسألة](١).
واختلف القرّاء في هذه الآية ، فقرأ أبو عمرو (٢) (يكرمون) وما بعده بالياء كلها ، وقرأ الباقون بالتاء ، وقرأ أهل الكوفة (تحاضّون) بالألف وفتح التاء ؛ أي يحضّ بعضهم على ذلك والتّحاضّ : الحثّ ، وروي عن الكسائي (تحاضّون) بضم التاء.
قوله تعالى : (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا) (١٩) ؛ أي تأكلون الميراث أكلا شديدا ؛ أي تلمّون بجميعه من قولهم : لممت ما على الخوان ؛ إذا أكلته أجمع ، قال الحسن : (هو أن يأكل الرّجل نصيب نفسه ونصيب صاحبه من الميراث» (٣) ، ويقال : أراد أكل ميراث اليتيم بغير حقّ ؛ لأنه هو الذي سبق ذكره ، ويقال : المراد أن يصرف ما ورثه من نصيب نفسه إلى الباطل.
وفائدة تخصيص الميراث التّنبيه به على حكم غيره ؛ لأنه إذا منع عن الأكل (٤) أحلّ أمواله بالباطل ، ففي أكل غير ذلك أولى ، ويقال معنى (أكلا لمّا) أي يأكل نصيبه ونصيب غيره ، قال بكر بن عبد الله : «اللّمّ : الاعتداء في الميراث ، يأكل ميراثه وميراث غيره» (٥).
وقال ابن زيد : «اللّمّ : الّذي يأكل كلّ شيء يجده ولا يسأل عنه أحلال هو أم حرام؟ ويأكل الّذي له ولغيره ، وذلك أنّهم كانوا لا يورّثون النّساء ولا الصّبيان» (٦).
__________________
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط : ج ٨ ص ٣٧٨ : الحديث (٧٧٦٥) ؛ عن الحسن قال : قال سمرة بن جندب ، وقال الطبراني : (ولم يرو هذا الحديث عن يزيد بن إبراهيم إلا بهز بن أسد ، تفرد به الرّبالي).
(٢) في المخطوط : (ابن عمر).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨٨٠١).
(٤) في المخطوط : (الكل).
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨٨٠٧).
(٦) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨٨٠٥). وابن أبي حاتم في التفسير : الرقم (١٩٢٧٩).