وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [وكّل بالمؤمن مائة وستّون ملكا يذبّون عنه ما لم يقدر عليه ، من ذلك البصر سبعة أملاك يذبّون عنه كما يذبّ الرّجل الذّباب عن قصعة العسل ، ولو وكّل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشّياطين](١).
قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ) (٥) ؛ أي من أيّ شيء خلقه الله في رحم أمّه ، ثم بيّن ذلك فقال : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ) (٦) ؛ أي مدفوق مصبوب مهراق في رحم المرأة ، يقال : سرّ كاتم ؛ أي مكتوم. وقوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) (٧) ؛ يعني ماء الرجل وماء المرأة ؛ لأن الولد مخلوق منهما ، فماء الرجل من صلبه ، وماء المرأة من ترائبها.
والترائب : جمع التّريبة وهو موضع القلادة من الصّدر ، وهي أربعة أضلاع من يمنة الصدر ، وأربعة أضلاع من يسرة الصّدر ، وسئل عكرمة عن الترائب فقال : «هذه ، ووضع يده على صدره بين ثدييه» (٢).
قوله تعالى : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) (٨) ؛ أي إنّه على إحياء الإنسان بعد الموت والبلى لقادر ، وعن مجاهد أنّ معناه «إنّه على ردّ ذلك الماء إلى الإحليل كما كان لقادر» (٣) كأنه يقول : إنّه على ردّ الإنسان من الكبر إلى الشّباب ، ومن الشّباب إلى الصّبا ، ومن الصّبا إلى النّطفة ، ومن النّطفة إلى الإحليل ، ومن الإحليل إلى الصّلب قادر ، فكيف لا يقدر على إحيائه بعد الموت.
ثم أخبر متى يكون البعث ، فقال تعالى : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) (٩) ؛ أي استعدّوا ليوم تظهر فيه سرائر الضمائر التي لم يطّلع عليها أحد من البشر ، وقيل : أراد بالسّرائر الأعمال التي أسرّها العباد فلم يظهروها ، يظهرها الله تعالى يوم القيامة.
__________________
(١) في مجمع الزوائد : كتاب القدر : باب دفع ما لم يقدر عليه العبد : ج ٧ ص ٢٠٩ ؛ قال الهيثمي :
(رواه الطبراني وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨٥٨٨).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨٦٠٣).