قوله تعالى : (فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) (١٠) ؛ أي فما للإنسان يومئذ من قوّة يدفع بها عذاب الله عن نفسه ، ولا ناصر ينصره ويعينه.
قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (١٢) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) (١٤) ؛ أقسم الله بالسّماء الراجعة في كلّ عام بالمطر بعد المطر على قدر الحاجة ، حاجة العباد إليه ، وبالأرض الصّادعة عن النبات الذي هو قوت الخلائق ، إنّ القرآن حقّ يفصل به بين الحقّ والباطل ، وليس هو باللّعب.
والمعنى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) بالغيب وأرزاق العباد كلّ عام ، لو لا ذلك لهلكوا أو هلكت مواشيهم ، (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) ؛ أي تتصدّع عن النبات والأشجار والأنهار ، نظيره (ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ، فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا)(١) إلى آخره. قوله : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) ؛ أي إنّ القرآن حقّ وجدّ يفصل بين الحقّ والباطل ، (وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) أي وما هو باللّعب والباطل.
قوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥) وَأَكِيدُ كَيْداً) (١٦) ؛ يعني كفار مكّة يريدون الإيقاع بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم من حيث لا يشعر ، وذلك أنّهم تواطئوا على قتل النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأعلم الله نبيّه أنه يجازيهم جزاء كيدهم ، فذلك معنى قوله تعالى (وَأَكِيدُ كَيْداً). قوله تعالى : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (١٧) ؛ أي أجّلهم وأنظرهم ، ولا تعجل في طلب هلاكهم ، فإنّ الذي وعدتك فيهم غير بعيد منهم.
قوله تعالى : (أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) أي أجّلهم أجلا قليلا ، فقتلهم الله تعالى يوم بدر ، و (رويدا) كلام مبنيّ على التصغير ، ويقال : أرودية ، وقد يوضع (رويد) موضع الأمر ، يقال : رويد زيدا ؛ أي أرود زيدا أو أصله من رادت الرّيح ترود رودانا ؛ إذا تحرّكت حركة خفيفة ، ويجوز أن يكون (رويدا) منصوب على المصدر ، كأنه قال : أرودهم رويدا. وبالله التوفيق.
آخر تفسير سورة (والطارق) والحمد لله رب العالمين
__________________
(١) عبس / ٢٦ ـ ٢٧.