لا تفرحنّ بليل طاب أوّله |
|
فربّ آخر ليل أجّج النّارا (١) |
قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ) (٢) ؛ تعجيب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم من شأنه. قوله تعالى : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (٣) ؛ تفسير للطارق ، والثاقب : وهو النّيّر المضيء من النجوم كلّها ، وعن ابن عبّاس : (ثقوبه توقده بناره كأنّه ثقب مكانا فظهر). ويقال : ثقب النار فتثقّبت اذا أضأتها فأضاءت ، أثقب نارك ، أي أضئها (٢) ، ويقال معناه : الثاقب العالي الشديد العلوّ ، وعن عليّ رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية : (زحل يطرق من السّماء السّابعة باللّيل إلى السّماء الدّنيا ، ويختفي عند الصّبح) (٣). وقال مجاهد : «الثّاقب : المتوهّج» (٤). وقال عطاء : «الثّاقب هو الّذي ترمى به الشّياطين فتحرقهم».
قوله تعالى : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) (٤) ؛ (ما) هنا صلة كما قال تعالى (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ)(٥) أي فبرحمة من الله ، والمعنى : إن كلّ نفس لعليها حافظ من الملائكة يحفظها ويحفظ عليها عملها وأجلها ، حتى إذا انتهى إلى المقادير كفّ عن الحفظ.
وقرأ الحسن وابن عامر وعاصم وحمزة بالتّشديد ، يعنون ما كلّ نفس إلّا عليها حافظ ، وهي لغة هذيل ، يقولون : نشدتك الله لمّا قلت ، يعنون إلّا قلت ، قال ابن عبّاس : «هم الحفظة من الملائكة» (٦). قال الكلبيّ : «معناه حافظ من الله يحفظ قولها وفعلها».
__________________
(١) في الكشف والبيان : ج ١٠ ص ١٧٨ ؛ قال الثعلبي : (وأنشدنا أبو القاسم المفسر ، قال أنشدني أبو الحسن محمد بن الحسن قال : أنشدني أبو عبد الله محمد بن الرومي قال ...) وذكر الشعر. وفي هذا النقل نظر.
(٢) في المخطوط : (ثقبت لسانها) وهو غير مناسب ، وضبط حرفه كما في جامع البيان : الأثر (٢٨٥٨١).
(٣) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ٢٠ ص ٣.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨٥٧٩).
(٥) آل عمران / ١٥٩.
(٦) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٤٧٤ ؛ عزاه السيوطي إلى ابن جرير الطبري. وأخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٨٥٨٤) بإسناد ضعيف.