قوله تعالى : (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) (١٢) ؛ معناه : لأيّ يوم أخّرت هذه الأشياء من الطّمس والنّسف وغيرهما. ثم بيّن متى ذلك فقال : (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) (١٣) ؛ أي أخّرت ليوم الفصل بين الخلائق ، وهو يوم القيامة ، سمّي بهذا الاسم لأنه يفصل فيه بين المحقّ والمبطل ، وبين الظالم والمظلوم.
وقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ) (١٤) ؛ فيه تعظيم لأمر ذلك اليوم ؛ أي لم تكن تعلم يا محمّد ما يوم الفصل ، وما أعدّ الله فيه لأوليائه من الثواب ، ولأعدائه من العقاب حتى أتاك خبر ذلك ، قوله تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١٥) ؛ الويل : واد في جهنّم للمكذّبين بالوعيد.
قوله تعالى : (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) (١٦) ؛ معناه : ألم نهلك قوم نوح بالعذاب في الدّنيا حين كذبوا نوحا ؛ (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) (١٧) ؛ أي ثم ألحقنا بهم قوم هود ومن بعدهم ، (كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) (١٨) ؛ من أمّتك يا محمّد ، يعني كفار مكّة ممن سلك طريقهم.
قرأ الأعرج ثم (نتبعهم الآخرين) بالإسكان عطفا على (نهلك) ، وقرأ الكافّة (نتبعهم) بالرفع على معنى ثم نحن نتبعهم ، وفي قراءة ابن مسعود (سنتبعهم الآخرين) ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١٩).
قوله تعالى : (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) (٢٠) ؛ تنبيه على القدرة على الإعادة ، والتحذير من التكبّر ؛ لأنّ الذي يقدر على أن يخلق من الماء الحقير بشرا على هذه الصّفة ، قادر على إعادة الخلق بعد الموت ، والمراد بالماء المهين النطفة. وقوله تعالى : (فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ) (٢١) ؛ أي في الرّحم ، (إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٢٢) ؛ يعني مدّة الحمل على اختلاف مدد حمل الحيوانات ، لا يعلم مقدار ذلك ولا الحمل إلّا الله تعالى.
وقوله تعالى : (فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) (٢٣) ؛ قرأ السلمي وقتادة ونافع وأيوب بالتشديد من التقدير يعني نطفا وعلقا ومضغا وذكرا وأنثى وقصيرا