وطويلا ، وقرأ الباقون مخفّفا ، ومعناهما «في التخفيف والتشديد واحد» (١) ويجوز أن يكون من القدرة ، وقوله تعالى (فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) ، معناه : على هذا فنعم القادرون على الخلق ، وعلى الأوّل فنعم القادرون لهذه المخلوقات ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٢٤).
قوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً) (٢٦) ؛ معناه : يكفتهم أحياء على ظهرها في دورهم ومنازلهم ، ويكفتهم أمواتا في بطونها ؛ أي يجوز «أن يكون عني أنها تكفت أذاهم» (٢) في ظهرها للأحياء وبطنها للأموات. وعن مجاهد : «معناه : تكفّت الميت فلا يرى منه شيء ، وتكفّت الحيّ في بيته فلا يرى من عمله شيء ، وفي كلّ واحد من هذين من النّعمة ما لا يخفى على عاقل» (٣).
والكفت في اللّغة الضمّ ، وسمّي الوعاء كفاتا بكسر الكاف لأنه يضمّ الشيء ، وفي هذه الآية دليل على وجوب مواراة الميّت ودفنه ودفن شعره وسائر ما يزايله.
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ ؛) أي جبالا ثوابت ، والشامخات الطّوال العاليات المرتفعات جعلت أوتادا للأرض فسكنت بها ، وكانت تمور كالسّفينة لا تستقرّ على الماء إلّا بمرساة تثقلها ، (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) (٢٧) ؛ أي عذبا حلوا غير ملح ولا أجّ (٤) ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٢٨) ؛ بنعم الله التاركين لشكرها.
__________________
(١) ما بين «» ليس في المخطوط ، ويلزمه السياق لإتمام المعنى ، وعلى ما يبدو أنه سقط من أصل المخطوط أو سقط معناه ، وضبط كما في تفسير الثعلبي : الكشف والبيان : ج ١٠ ص ١١٠ ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي : ج ١٩ ص ١٦٠.
(٢) في المخطوط عبارة في رسمها إرباك ، (أي يجوز في ظهرها ...) وضبطت كما في جامع البيان : مج ١٤ ج ٢٩ ص ٢٩٣ من قول الإمام الطبري : (وجائز أن يكون عني ...) وذكر بمعنى قريب منه.
(٣) في الدر المنثور : ج ٨ ص ٣٨٤ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر ومجاهد ...) وذكره.
(٤) ماء أجاج : أي ملح مرّ ، وقد أجّ الماء يؤجّ (أجوجا) بالضم. مختار الصحاح : ص ٦.